قرى مهجورة على الحدود السعودية مع اليمن مرآة لانعكاسات الحرب

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1407
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

الخوبة ـ السعودية ـ (أ ف ب) – تتناثر أقنعة غاز خلفها جنود سعوديون وسط حطام صدئ في نقطة عسكرية على الحدود مع اليمن دمرتها قذيفة، لتكون شاهدا جليا على أكثر من عامين من الحرب ضد المتمردين الحوثيين.
وتعد النقطة الواقعة في الخوبة وهي قرية مهجورة محاطة بجبال جرداء، واحدة بين عدة قواعد لحرس الحدود التي استهدفها المتمردون منذ بدأ التحالف الدولي بقيادة السعودية تدخله العسكري في اليمن عام 2015.
ورغم أن عمليات التوغل الخاطفة والهجمات الصاروخية التي شنها المتمردون المدعومون من ايران لم تقوض سيطرة السعودية على حدودها الشاسعة، إلا أنها سلطت الضوء على انعكاسات النزاع في اليمن في الجانب السعودي من الحدود، حيث باتت عدة قرى على غرار الخوبة، مهددة.
وقال العنصر في حرس الحدود العقيد محمد الحميد لوكالة فرانس برس خلال جولة نادرة في القاعدة المدمرة “تمكن رجال حرس الحدود جنبا إلى جنب مع القوات المسلحة من فرض السيطرة الكاملة وتأمين حماية مواطنينا”.
وتظهر في الموقع آثار مواجهة جرت من مكان قريب. فالجدران المحترقة تبدو عليها الشظايا فيما امتلأ السقف المعدني بثقوب تسبب بها الرصاص والقذائف بينما تتجول قطة خلف تلة من الأثاث المحطم.
وأوضح الحميد أن أقنعة الغاز تم شراؤها خوفا من وقوع هجوم كيميائي محتمل.
ووصف القاعدة الواقعة مباشرة على الحدود بأنها تشكل “رأس الحربة” في المواجهة حيث أنها مكشوفة تماما لمواقع الحوثيين الجبلية على الجهة الأخرى، ما يعطي المتمردين أفضلية من الناحية الاستراتيجية.
وشن المتمردون الذين تبدو جغرافية المنطقة الوعرة مألوفة بالنسبة اليهم، عدة هجمات عبر الحدود للرد على الضربات الجوية التي نفذها الجيش السعودي ضد معاقلهم في اليمن.
– “كاذبون كاذبون كاذبون” –
قادت السعودية التدخل العسكري في اليمن العام 2015 لدعم حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي بعدما أجبره المتمردون الحوثيون على الفرار.
لكن بعد عامين، يبدو أن المملكة وجدت نفسها غارقة في مستنقع يصعب الخروج منه.
وبينما كانت تأمل بتحقيق نصر سريع ضد ما ترى أنه توسعا ايرانيا في ساحتها الخلفية، إلا أنها عجزت حتى الآن عن إزاحة الحوثيين من العاصمة صنعاء.
وتعرضت مرارا كذلك إلى عمليات توغل عبر الحدود نفذها المتمردون، ما زاد المخاوف من امتداد النزاع.
وقالت لوري بوغارت من معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، لوكالة فرانس برس “كان منع عمليات التوغل اليمنية أمرا في غاية الصعوبة”.
وأكدت أن “السعوديين لا يحاولون فقط حماية المدنيين (…) والبنية التحتية من عشرات الآلاف من القذائف والصواريخ البالستية التي يتم إطلاقها عبر الحدود،” مضيفة أن “هناك مسألة استراتيجية أوسع تتمثل بمحاولة تأمين سلامة اراضي المملكة الأساسية ايضا”.
ونشر المتمردون عددا من التسجيلات الدعائية المصورة التي قالوا إنها تكشف عمليات التوغل التي نفذوها في الأراضي السعودية، واحداها داخل الخوبة التي تظهر حرس الحدود يتراجعون بشكل سريع.
وقال الحميد “الحوثيون كاذبون كاذبون كاذبون،” مصرا على أن الضحايا من الجانب السعودي كانوا قلة قليلة ولا قتلى بينهم.
ولا تصدر السعودية عددا رسميا لحصيلة القتلى الكاملة في صفوف جنودها إلا أن الإعلام الرسمي كثيرا ما ينشر نعوات لجنود “استشهدوا”.
وتشير احصائيات غير رسمية إلى أن الهجمات عبر الحدود التي نفذها المتمردون تسببت بمقتل 140 جنديا ومدنيا على الأقل في السعودية منذ آذار/مارس 2015.
ونظرا للوجود العسكري السعودي الواسع على الحدود وقوته الجوية المتفوقة، سيكون على الحوثيين بذل الكثير للمحافظة على أراض قد يستولون عليها.
ولكن الخبراء يشيرون إلى أن عمليات التوغل التي يقومون بها تشكل نصرا دعائيا بالنسية إليهم.
وقال آدم بارون، الخبير بالشأن اليمني في المجلس الاوروبي للعلاقات الخارجية إن “تعريف النجاح العسكري بالنسبة للحوثيين الذين لا يملكون موارد كافية مختلف بشكل كبير عن ذاك الذي يضعه السعوديون”.
وأضاف “حتى لو واجهتهم حصيلة مرتفعة للقتلى، يخترق الحوثيون الأراضي السعودية كطريقة ليقولوا لأنصارهم: +انظروا، نحن نهزم عدوا قويا نحن نحتل أراضيهم+”.
– “أين الحرب؟” –
تأثر المواطنون السعوديون العاديون كذلك بالقتال اذ تم اجلاء آلاف السكان من البلدات الحدودية في جنوب غرب البلاد لإقامة منطقة عازلة.
وفي المحافظات الحدودية مثل جيزان ونجران، سقطت آلاف القذائف والصواريخ على المدارس والمساجد والمنازل.
لكن حرس الحدود يصرون على أن الحياة لا تزال تمضي بشكل طبيعي.
وقال الحميد اثناء مروره أمام تلك المواقع في طريقه إلى الخوبة إن “مبنى البلدية طبيعي، المستشفى طبيعي، والمدرسة طبيعية”.
وأضاف “أنت الآن قريبا من مكان الحرب ولكنك تتساءل +أين الحرب؟+ قمنا بتحصين الحدود بنجاح”.
وعلى المنعطف، دخل الموكب ما بدا أنه مدينة أشباح.
وتم نقل آلاف السكان الذين يعيشون في المناطق الحدودية إلى مواقع أكثر أمنا فيما خلفت قذائف الهاون حفرا كبيرة في الأرض.
وفي وصفه للمتمردين، قال الحميد “الحوثيون سرطان. إن كنتم تملكون القوة، استهدفونا. لماذا تقتلون المدنيين والنساء والأطفال؟”.
ولكن السعودية نفسها واجهت مرارا اتهامات باستهداف المدنيين في اليمن.
والأسبوع الماضي، أدرجت الأمم المتحدة التحالف الذي تقوده الرياض على لائحة الدول التي ترتكب جرائم بحق الأطفال في اليمن.
ولكن بالنسبة لحرس الحدود، الخطر من اليمن هو خطر وجودي.
ولدى خروجه من عربته المصفحة، انخفض الحميد قليلا خوفا من القناصة الحوثيين والمقاتلين المتواجدين في التلال المحيطة، واصفا المكان بـ”منطقة القتل”. إلا أنه أضاف “كما ترون، نحن نسيطر بشكل كامل هنا”.