«القدس العربي»: السعودية ـ روسيا .. مواضيع حساسة!

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 826
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

 لم تخل زيارة الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز الحالية إلى روسيا من بعض المنغصات التي يمكن تجاهلها إذا أخذنا في الحسبان ضخامة الصفقات العسكرية والاقتصادية والسياسية التي حفلت بها الزيارة، ولكنّ المنغّصات الصغيرة، قد تؤدي، مع تغيّر الظروف والحسابات، إلى مشاكل كبيرة.
واحد من هذه المنغصات كان تعطّل السلّم الكهربائي الذي توقّف فجأة أثناء نزول الملك السعودي من طائرته الملكية الأربعاء الماضي، وقد رأى المتابعون للأخبار صورة الوجه القلق للملك معلّقا على مسافة 15 متراً بين الطائرة والأرض الروسية، وكان لهذا الإحراج أن يمرّ بسرعة لولا أن الروس المعتزّين بقدراتهم التقنيّة والأمنية لم يقبلوا للحادث أن يمرّ فأعلنوا أن لا علاقة لهم بما حصل وأن السلّم «الأجنبي» جاء مع الملك الذي اضطرّ بعدها للهبوط البطيء، على قدميه.
أما الحادث الثاني، والذي أثاره هذه المرّة ناشطون سعوديون على مواقع التواصل الاجتماعي فدار حول عدم وجود الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في المطار لاستقبال الملك سلمان بن عبد العزيز وهو ما اعتبروه انتقاصاً من وزن الملك والسعودية.
باستثناء هذين الأمرين (إضافة، ربما، لتصريح بوتين أنه «لم يقترح» تمديد اتفاق النفط خلال محادثاته مع العاهل السعودي وهو يعني أن السعوديين هم الآن من يلحّون على روسيا في هذا الموضوع بعد أن كانت المعادلة مقلوبة في سنوات سابقة) فإن الزيارة سجّلت انعطافة كبيرة في العلاقات بين الرياض وموسكو، على صعد السياسة والطاقة والتسليح.
لكنّ الصحيح أيضاً أن نقول إن هذه «الانعطافة» كانت من السعودية باتجاه روسيا وليس العكس، وبالتالي فإن السخاء السعودي في الصفقات الاقتصادية والعسكرية والسياسية لا يبدو وكأنه يعكس توازناً بين ندّين أكثر مما يعكس تقبّلاً لدور موسكو الشرق أوسطي، في سوريا ومصر وليبيا كما في باقي البلدان العربية.
وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، على سبيل المثال، أشار إلى أن البلدين يتعاونان لتوحيد «المعارضة السورية المعتدلة»، وهو تصريح ترجمه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بأن البلدين «يتعاونان في محاربة الإرهاب»، وسواء أخذنا التصريح السعودي أو ترجمته الروسية فإن المضمون يدلّ على تراجع الرياض أمام سطوة موسكو وأجندتها في سوريا.
انتهز الملك السعودي زيارته الروسية لانتقاد تدخّلات إيران العسكرية في العالم العربي، وهذه محاولة، قد تكون محدودة الأثر، في جذب قائد الكرملين من نطاق جاذبية جاره الإيراني صاحب النفوذ الكبير من أفغانستان، واليمن مروراً بالعراق وسوريا ووصولاً إلى لبنان.
رد الكرملين جاء بسرعة مع تصريح أمس بأن «التعاون التقني العسكري مع السعودية ليس موجها ضد أحد»، وحين سئل ديمتري بيسكوف، المتحدث باسم الرئاسة الروسية عن تفاصيل قال إن «هذا الموضوع حساس للغاية»!
رسالة الصفقات العسكرية السعودية الموجهة لإيران قابلتها رسالة روسية مهمة أيضاً موجهة للولايات المتحدة الأمريكية التي أعربت وزارة دفاعها «عن قلقها من الاهتمام المتزايد من حلفاء الولايات المتحدة لشراء منظومات صواريخ روسية»، والتصريح الأمريكي يشير طبعاً إلى تركيا التي عقدت اتفاقاً مشابها مع موسكو لشراء منظومات صواريخ إس400.
وفي موازين القوى والمقارنات فإن الأكيد أن روسيا، وليس السعودية، هي الرابح الأكبر من هذه الزيارة، وأن ما قد يبقى من هذه الزيارة هي مقارنة بائسة بين السلّم السعودي الذي تعطّل في أرض مطار موسكو وصواريخ إس 400 الروسية.

المصدر | القدس العربي