معهد دول الخليج بواشنطن: كيف تهدد أزمة قطر الأمن الخليجي؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 2025
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

ترجمة وتحرير شادي خليفة - الخليج الجديد
كانت دول مجلس التعاون الخليجي الست من بين أكبر المشترين للأسلحة الأمريكية لعقود. وكانت أكبر عقود المبيعات العسكرية الخارجية للحكومة الأمريكية في التاريخ بقيمة 29 مليار دولار من طائرات إف-15 للسعودية. وتعمل الإمارات العربية المتحدة وقطر على شراء طائرات مقاتلة أمريكية جديدة، إضافةً إلى نظام صواريخ الدفاع الجوى من طراز ثاد، وتقوم القوات المسلحة الأمريكية بتدريبات عسكرية بانتظام مع دول المجلس.
وكان من النتائج غير المقصودة للأزمة الأخيرة بين قطر ودول مجلس التعاون الخليجي المجاورة، السعودية والإمارات والبحرين، فرض عقوبات على جميع المبيعات العسكرية الأجنبية إلى دول المجلس من قبل رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ «بوب كوركر». ومن شأن هذا الإجراء، الذي يعد غير رسمي ولكن قد يتم احترامه، أن يؤثر على كل بلد من بلدان المجلس بشكل مختلف.

نظام المبيعات العسكرية الأجنبية
ويعد نظام الحكومة الأمريكية للمبيعات العسكرية للدول الأجنبية عملية مكلفة ومرهقة تهدف إلى ضمان أن يحصل العميل على الخدمة الكاملة مع البيع، وليس مجرد السلاح. فعلى سبيل المثال، يتضمن عقد البيع العسكري الأجنبي قطع الغيار والكتيبات والتدريب وغير ذلك من متطلبات تشغيل نظام الأسلحة.
ويجب إخطار الكونغرس رسميا بجميع حالات البيع التي تتجاوز قيمتها 14 مليون دولار، ويكون لديه 30 يوما لرفض البيع. وبالإضافة إلى هذا الإخطار الرسمي، توافقت الإدارات المتعاقبة على فترة إخطار غير رسمية مدتها 20 يوما قبل الإخطار الرسمي. وحتى قبل الإخطار غير الرسمي، يعرض موظفو الشؤون التشريعية في وزارة الدفاع البيع المقترح على الأعضاء الرئيسيين في الكونغرس (أو موظفيهم)، مع محاولة معالجة أي معارضة للبيع. وإذا كان هناك معارضة كبيرة، لا يتم التقدم بالإخطار. ومن الناحية العملية، قد تصبح المشاورات المتعلقة بالتخطيط المسبق عملية مفتوحة تؤدي غالبا إلى تأخيرات كبيرة.
ولا يمكن بيع بعض أنظمة الأسلحة المتقدمة، مثل الطائرات المقاتلة، إلا من خلال نظام المبيعات العسكرية الأجنبية. وإذا كان رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ يعارض هذا البيع، فإن رئيس مصر وعازم جدا فقط سوف يمضي في البيع رغم تلك المعارضة. ويكون ذلك من خلال استخدام الفيتو.

الأكثر خسارة
وفي هذا الوضع غير المسبوق، لا يوجد فائزون، فقط خسارة بدرجات متفاوتة. ومن المفارقات أن البلدان التي تواجه قطر تخسر في هذه المعادلة أكثر من غيرها. حيث لدى هذه البلدان صفقات كبيرة قيد الانتظار قد تتعرض للخطر بسبب تزايد قلق الكونغرس (خاصة بين الديمقراطيين في مجلس الشيوخ) بشأن مبيعات الأسلحة لبعض دول الخليج العربية.
وكان هذا القلق أكثر وضوحا في تصويت مجلس الشيوخ مؤخرا للموافقة على نقل الذخائر الموجهة بدقة إلى السعودية. وبينما كانت هناك معارضة لهذا البيع أثناء إدارة الرئيس السابق «باراك أوباما»، يبدو أن المعارضة حشدت المزيد من الأصوات في آخر تصويت حيث توافق جميع أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين وبعض الجمهوريين المعارضين لعملية البيع. ويعزى جزء كبير من هذا التحول إلى الكارثة الإنسانية المقلقة في اليمن، حيث تنتشر الكوليرا وصور الأطفال المصابين بسوء التغذية الحاد في التقارير الإعلامية. ومن المرجح أن تزيد هذه المعارضة مع مرور الوقت.
ومع هذا الاتجاه في الاعتبار، تصبح البلاد الأكثر تضررا من قرار «كوركر» هي السعودية. ولم يتم الإعلان عن معظم مبيعات الأسلحة الضخمة التي تم ذكرها خلال زيارة «ترامب» للرياض. لكن الكثير من المعدات المتفق عليها بالغة الأهمية لمخطط تحديث وتطوير القوات المسلحة السعودية، في حين يعد 7 مليار دولار من الذخائر الموجهة بدقة و6 مليارات دولار من طائرات الـ إف-15 المطلوب انضمامها إلى أسطول الجو السعودي أمر بالغ الأهمية لاستمرار الحرب في اليمن. ويعمل الوقت ضد المملكة في هذه الحالة. ومع استمرار الحرب في اليمن، وتفاقم الوضع الإنساني، فمن المرجح أن تنمو معارضة الكونغرس لهذه المبيعات. وقد تضطر المملكة إذا لم يتم الانتهاء من عملية البيع قريبا، إلى إلغاء البيع تماما.
وفي الوقت نفسه، كادت البحرين أن تكون في مهب الريح هي الأخرى. وفي مارس/آذار، بدأ إخطار غير رسمي حول بيع 19 مقاتلة من طراز إف-16 بقيمة تقارب 5 مليار دولار إلى البحرين. وكان البيع محفوف بالمخاطر منذ البداية. وتبلغ ميزانية الدفاع في البحرين 1.3 مليار دولار فقط، ولا يوجد أي بلد آخر في العالم أقل في عدد السكان، والناتج المحلي الإجمالي ومساحة الأرض الصغيرة مثل البحرين، لتكون حقلا للمقاتلات الأسرع من الصوت، ويعد سجل البحرين في مجال حقوق الإنسان مصدر قلق لدى بعض أعضاء الكونغرس. وتعتبر الفائدة العسكرية لهذا الأسطول أمر مشكوك فيه في أحسن الأحوال، و (بالنظر إلى ميزانية الدفاع الصغيرة في البحرين)، من الممكن تماما أن يطلب من الولايات المتحدة دفع ثمن الترقيات المستقبلية للأسطول في حالة مرور عملية البيع.
ولحسن الحظ بالنسبة للبحرين، ينظر «كوركر» إلى هذا البيع كأمر حتمي، وبهذا لن يتأثر بقرار التعليق. ومع ذلك، إذا كان الديمقراطيون في الكونغرس عازمون على الدخول في معركة مع «ترامب» بالنسبة لسياسته بشأن مبيعات الأسلحة، فإن مقاتلات الـ إف-16 للبحرين تبدو أرضية جيدة لاتخاذ موقف. ولا توجد حجة أمنية وطنية أمريكية مقنعة لمواصلة عملية البيع، وقد جذب سجل حقوق الإنسان للحكومة البحرينية اهتماما سلبيا في الأعوام الأخيرة.
ومن المفارقات أن البلد الأقل تأثرا بهذه المناقشات هي قطر. فالجيش القطري صغير جدا، وحوالي 10% من قوامه من الضباط العموميين. وهناك عدد محدود من القطريين المدربين تدريبا كافيا على قبول ودمج وتشغيل أسلحة متطورة جديدة. وتمت الموافقة على إخطار قطر بشأن الطائرات من طراز إف-15 ونظام ثاد الدفاعي قبل أن يأتي قرار «كوركر» بالتعليق، على الرغم من أن الجيش القطري الصغير سيواجه تحديا لإدخال هذه الأنظمة وغيرها من الأنظمة المعتمدة سابقا قيد التشغيل. فالنظم الجديدة ببساطة غريبة عن الاحتياجات القطرية.
وفي الوقت الذي يستمر فيه الوضع المعقد بين دول مجلس التعاون الخليجي، يقل احتمال تحقيق أي من الجانبين لكامل الأهداف. ولا يمكن لدول المجلس أن تتوقف عن تحديث دفاعها إلى أجل غير مسمى بسبب مشاحنات داخلية. ولن تنتظر التهديدات الأمنية في الشرق الأوسط أحدا.
المصدر | معهد دول الخليج بواشنطن