مطرودة من رحمة ابن سلمان.. مؤسسات سعودية تدخل مرحلة «التفنيش»

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 552
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

طالت قرارات العزل والتصفية للأمير الشاب ولي العهد محمد ابن سلمان كافة المؤسسات والشركات المملوكة لمجموعات ليست على توافق معه، ساعيًا من خلال استصدار قرارات ملكية لتجميد عملها، والتضييق على استثماراتها داخل المملكة.

«الحياة اللندنية».. الباب الخفي لنزع إرث «خالد بن سلطان» المتبقي

دخلت جريدة الحياة اللندنية، الصحيفة التي تعدُّ من الأكثر تأثيرًا وانتشارًا خلال السنوات العشر الأخيرة، نفق التجميد، منذ نهاية عام 2015، على خلفية ضائقة مالية تمر بها الصحيفة، أدّت إلى توقفها عدّة أيام عن طبعها، واحتمالات كبيرة عن إغلاق مكتب الصحيفة في لندن، على أن ينتقل العمل إلى دبي، فضلًا عن تسريح مئات العاملين داخلها.

تجلَّت الضائقة المالية التي تعيشها الجريدة في عدم وصول أيّ تحويل مالي من السعودية منذ ثلاثة أشهر، وعدم دفع رواتب المراسلين والمستكتبين، وتسريح عشرات العاملين داخل المكتب الرئيس بالجريدة ومكاتبها بالعواصم الأخرى.

لكنَّ وجهًا آخر للأزمة التي تعيشها الجريدة يتمثل في ربط الأزمة الحالية بأمور سياسية لها صلة بمسعى الأمير الشاب محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، لتجميد الجريدة، التي يملكها خالد بن سلطان، أحد الأمراء غير المحسوبين على الجناح الموالي له داخل العائلة الحاكمة، حسبما حكى صحافي أردني ترك العمل في المكتب الرئيس للجريدة بلندن منذ شهرين لـ« ساسة بوست».

أوضح الصحافي كذلك أن عملية التضييق على الجريدة بدأت بعد عام من ولاية الملك سلمان عبر صدور سلسلة أوامر شفهية بنقل الطاقم التحريري للجريدة إلى جريدة الشرق الأوسط، والتي هدفت بشكل أساسي إلى تفريغ الجريدة من كافة الكفاءات التحريرية.

وتابع الصحفي المتخصص في الشأن السياسي أن التغيير التحريري شمل انتقال غسان بن شربل، الصحافي اللبناني وكافة مديري التحرير بالجريدة للجريدة السعودية المُنافسة الشرق الأوسط، التي تتخذ كذلك من العاصمة اللندنية مقرًا رئيسًا لها، وضخ فيها ملايين الدولارات لرفع كفاءة الجريدة، وتطوير المحتوى الرقمي والإلكتروني.

جريدة «الشرق الأوسط» مملوكة للملك سلمان بن عبد العزيز، ويرأس مجلس إدارة الشركة المسئولة عن نشر الجريدة «المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق» شقيق ولي العهد تركي بن سلمان آل سعود حسب مقال منشور على صفحات جريدة «الأسبوع المغربية» للكاتب رمزي صوفيا، والذي تجمعه صلة وثيقة بالملك سلمان بن عبد العزيز، حكى كيفية حصول الملك سلمان على امتياز الجريدة العريقة بمبلغ رمزي لا يتجاوز ريالًا سعوديًا واحدًا من الشيخ كمال أدهم، مؤسس المخابرات العامة الـسعودية والمستشار الخاص للملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود ليتولى بعد ذلك مسؤولية نشرها أولاد الملك سلمان.

«خالد بن سلطان».. مالك جريدة الحياة المعزول من منصبه بوزارة الدفاع

هو الابن الأكبر للأمير سلطان بن عبد العزيز آل سعود، وتدرج في المناصب داخل وزارة الدفاع السعودية، بعد تخرجه في أكاديمية ساندهيرست العسكرية الملكية، ليصير نائبًا للوزير، وأحد المخولين بإتمام صفقات السلاح مع الولايات المتحدة الأمريكية.

استحوذ الأمير خالد بن سلطان على الجريدة في العام 1988 بعد شرائها، وسمح بتداولها في السعودية في العام 1996، لتتتحول لواحدة من كُبرى الصحف العربية. حسب رواية المُغرد السعودي الشهير «مجتهد»، لخالد بن سلطان، نائب وزير الدفاع، فصلاحيات سلطان تناقصت منذ تعيين سلمان بن عبد العزيز وزيرًا للدفاع، قبل أن يسعى خالد لتوسيع صلاحياته دون علم سلمان ونجله – الذي بدأ يتدرج داخل الوزارة السيادية من خلال والده – فقام برحلة خارجية إلى الصين، سعى خلالها للتفاهم مع الصينيين بشأن صفقة أسلحة، وتجديد منظومة صواريخ (سلم وورم) من دون التنسيق معه، وهو الأمر الذي استخدمه محمد بن سلمان لعزله.

يبدو أن التضييق الذي تعيشه الجريدة اللندنية من بين كافة المطبوعات، غير منفصل عن الحملة التي يقودها الأمير الشاب حيال خالد بن سلطان، الذي جرى تقليصه من نفوذه داخل وزارة الدفاع، وتمتد لتحجيم تأثير كافة المنافذ الإعلامية التي تتصل به، وكذلك بالمجموعات المتنفذة داخل الجناح الملكي، والتي لا تتوافق مع سياساته.

قناة «العرب».. مشروع تحت التجميد لحصار جمال خاشقجي

أحد المشروعات الإعلامية التي دخلت نفق التجميد بفرمانات من الأمير الشاب محمد بن سلمان، هو قناة «العرب» الإخبارية التي تأسست بتمويل من الأمير السعودي الوليد بن طلال، ورئاسة الصحافي السعودي جمال خاشقجي، حيث بدأت بث برامجها من العاصمة البحرينية، قبل أن توقف السلطات البحرينية البث التلفزيوني، احتجاجًا على السياسة التحريرية للقناة.

جمال خاشقجي

سعت إدارة القناة للبحث عن مقرٍ بديل، وهو ما وجدته في العاصمة القطرية «الدوحة»، والتي رحبت بالقناة ومنحتها كل التسهيلات اللازمة وأعلنت معها القناة الإخبارية لجمهورها أنها ستعود للبث من جديد قريبًا، وبطاقم يتكون من 300 شخص بعد موافقة قطر على استقبالهم ومنحهم الإقامات والتسهيلات المطلوبة.

وجاءت موافقة قطر على انطلاق القناة الإخبارية التي سعت لمنافسة الجزيرة والعربية في أعقاب لقاء جمع الشيخ حمد بن ثامر آل ثان رئيس مجلس إدارة المؤسسة القطرية للإعلام مع وفد قناة «العرب» برئاسة فهد السكيت رئيس مجلس الإدارة وجمال خاشقجي مدير القناة اللذين زارا الدوحة مؤخرًا.

التحول الدراماتيكي في مصير المشروع التلفزيوني الذي جرى تمويله بملايين الدولارات، واستقطاب مذيعيين كبار من هيئة الإذاعة البريطانية لتقديم برامجه، والشروع في تأسيس إستوديو للبث من الدوحة، كان بمسعى من الأمير الشاب محمد بن سلمان، لتقليص صلاحيات خاشقجي، غير المحسوب عليه من كافة مناصبه، وإنهاء مشروع القناة الفضائية، ومنعه من كتابة المقالات والتغريد على موقع تويتر.

وتبنت وجهة نظر خاشقجي احتواء جماعة الإخوان المسلمين، وتوطيد العلاقات مع دولة قطر، فضلًا عن هجومه الدائم على مصر ورئيسها المصري عبد الفتاح السيسي، معتبرًا سياسته ستلحق ضررًا كبيرًا بالمملكة. وتزامن ذلك مع حملة انتقادات واسعة من جانب وجوه سعودية إعلامية معروفة بولائها للأمير الشاب، كداود الشريان، الذي سبق له إجراء المقابلة الأولى مع محمد بن سلمان على شاشة قناة العربية، والذي سخر من القناة عبر سلسلة تغريدات على حسابه بتويتر.

«مجموعة بن لادن».. ابن سلمان يُخرجها من السوق السعودي

مجموعة «بن لادن»، وهي من أكبر الشركات السعودية، ومن بين أكبر شركات البناء في الشرق الأوسط، استثمرت  تاريخيًّا علاقتها الجيدة مع آل سعود، الأسرة الحاكمة للمملكة العربية السعودية، والتي انعكست عليها في صورة منح، وعقود مشاريع ضخمة، جعلتها من أكبر شركات المقاولات في العالم.

ارتبط اسم الشركة بمشاريع عملاقة، نفذتها الشركة في السعودية كالتوسعة التاريخية للحرمين الشريفين التي امتدت منذ عهد الملك عبد العزيز آل سعود إلى عهد الملك سلمان بن عبد العزيز. كما نفّذت الشركة العديد من المشاريع، كمطار الملك عبد العزيز الدولي، وجامعة الملك سعود، وبرج الفيصلية، ومشروع وقف الملك عبد العزيز آل سعود، ومدينة الملك عبد الله الاقتصادية، وجامعة الملك عبد الله للعلوم والتكنولوجيا.


أحد إنشاءات المجموعة

وتزامن إعلان ولي ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان عن رؤيته الاقتصادية «المملكة 2030»، بإعلان عملاق المقاولات السعودي «مجموعة بن لادن» الاستغناء عن 77 ألف عامل أجنبي و12 ألفًا من أصل 17 ألف مواطن سعودي يعملون في الشركة بوظائف تتراوح بين مسؤول إدارة ومهندس وإداري ومراقب.

وتعرضت المجموعة لسلسلة قرارات ملكية تضمّنت إيقاف تصنيف مجموعة بن لادن، ومنعها من الدخول في مشاريع جديدة، لحين الانتهاء من نتائج التحقيق بشأن مسؤوليتها عن حادثة رافعة المسجد الحرام، والتي وقعت في 11 سبتمبر (أيلول) العام الماضي،  فضلًا عن منع سفر جميع أعضاء المجموعة حتى نهاية التحقيق، وتكليف وزارة المالية والجهات المعنية عاجلًا؛ بمراجعة جميع المشاريع التي تنفذها المجموعة، وتأخير سداد مستحقات الشركات، ما أدى لتراكم الديون، وخسائر كبرى.

إيقاف تصنيف الشركة داخل المملكة استمر تسعة شهور، بعد صدور قرار ملكي برفع الحظر عن المجموعة، والسماح لها بالعودة للمشروعات، ورفع حظر السفر عن مديري الشركة، عقب دفعها تعويضات مالية قدرت بملايين الدولارات بسبب خطأ فني أدى إلى سقوط الرافعة في الحرم المكي.

وجاءت عودة المجموعة للعمل، لتنفيذ بقية المشاريع التي جرى إسنادها لها مرتبطةً بحذر وترقب ومراقبة من جانب الأسرة الحاكمة، خاصة مع مساعي الأمير «محمد بن سلمان»، ولي ولي العهد، فتح الباب أمام شركات أجنبية؛ تنفيذًا لرؤيته المتعلقة بحقبة «ما بعد النفط»، بجانب بعض الشائعات التي تتحدث عن إدخاله شركات تابعة له لتأخذ دور «مجموعة بن لادن».

فسر المغرد السعودي مجتهد هذا التضييق الكبير على أنشطة الشركة داخل المملكة بسعي الأمير الشاب محمد بن سلمان لنقل عقود المشاريع لإحدى الشركات المملوكة له وهي شركة نسمة القابضة. حسب الموقع الرسميللمجموعة، فمجموعة نسمة القابضة يملكها الشيخ صالح بن علي التركي وابنه فيصل، وهي متخصصة في البنى التحتية والبناء والغاز والاتصالات والخدمات البحرية.

واستحوذت الشركة على عديد من المشاريع الهامة مؤخرًا كجامعة كاوست، ومشاريع تصريف مياه السيول والسدود في جدة، ومشروع جبل عمر، وحاليًا طريق الملك عبد العزيز (الطريق الموازي) بمكة، جنبًا لمشاريع مشتركة مع شركة أرامكو بقطاع النفط.

«سعودي أوجيه».. التصفية أم البيع؟

الإمبراطورية المملوكة لرفيق الحريري، رئيس الوزراء اللبناني الراحل، والتي صارت خلال السنوات الأخيرة واحدة من كبرى شركات المقاولات في المملكة العربية السعودية، قبل أن تتوسع اختصاصاتها لتشمل الاتصالات والطباعة والعقار وخدمات الكمبيوتر.

بدأ التضييق على الشركة خلال العام الثاني من ولاية الملك سلمان، باعتماد ولي ولي العهد حينها محمد بن سلمان سياسة مالية واقتصادية قطع بها الكثير من مصادر التمويل عن الشركة، والتي كان يدفعها الملك عبد الله للشركة، وهي عبارة عن ملياري ريال كل شهرين.


وامتدّ التضييق ليشمل تجميد كافة مشاريع الشركة داخل المملكة، ووقف صرف مستحقات الشركة لدى السلطات السعودية، وعدم دفع أي راتب من الرواتب المتأخرة لدى الحكومة السعودية إلى حين إقفال الشركة نهائيًا وصرف جميع الموظفين الباقين على كفالة الشركة، وشطب شركة سعودي أوجيه من كشوفات شركات المقاولات في المملكة.

وذكر تقرير منشور لجريدة «الأخبار اللبنانية»أن «البنك الأهلي السعودي اشترى 20% من أسهم الشركة مقابل 5 مليارات ريال سعودي»، بينما نقلت الجريدة عن مصادر مقربة من  «الحريري» أن هناك مفاوضات جارية كي تملك الحكومة السعودية أو رجال أعمال من العائلة المالكة الشركة التي أسّسها رفيق الحريري قبل عدة عقود، وأن تتولى الجهة الشارية مسؤولية جميع الديون والالتزامات المالية المستحقة على الشركة.

وقالت الأخبار وفقًا لمصادر: «إن الحريري يفاوض لأجل أن يبقي على حصة له في الشركة، وهو تقدم بعرض أن يبقى مالكًا لنحو 40% من الشركة، مقابل تخليه عن قسم من أسهمه في المصرف العربي. لكن الفريق الآخر، الذي يديره ولي ولي العهد محمد بن سلمان، يصرّ على تملُّك الشركة ككل، في حال كان المطلوب تسديد الديون».

وكان المغرّد السعودي الشهير «مجتهد»، كشف في تغريدات على موقع «تويتر» أن ولي ولي العهد السعودي وزير الدفاع محمد بن سلمان سُئل، خلال اجتماع مع رؤساء تحرير الصحف وإعلاميين سعوديين تناول الإجراءات التقشفية المُقبلة في إطار «رؤية 2030»، عن مستحقات شركة «سعودي أوجيه» تحديدًا، فزعم أنها «لن تستفيد من استلام مستحقاتها، ولن تستطيع دفع الديون المتراكمة حتى لو بيعت بالكامل». واعتبر أن شركة «سعودي أوجيه» «تستحق ما حدث لها لأنها لم تقبل عروضًا قُدّمت لها» في إشارة إلى عروض قدّمتها شركاته للاستحواذ على «سعودي أوجيه» في مقابل دفع ديونها.