اصرار أردني على “عدم الاقتراب” من “نار الاخوة”: تفهّم ملكي لأولوية الخلاف الخليجي على اجندة امير الكويت..

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 743
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

وعمان تراقب بحرص التداعيات وتعقد مقارباتها: لا نستطيع التماهي مع حالة لا تشبهنا ولا حاجة لنا في “الخيار الصعب”.. تركيا وايران سؤالان حائران في المشهد..
عمان- رأي اليوم- فرح مرقه
فتحت رئاسة الاردن للقمة العربية الاخيرة باباً خلفياً له للخروج من مأزق الاصطفافات في الازمة الخليجية الاخيرة، ما يجعل عمان اليوم تكتفي بالمراقبة بحرص شديد بدلا من اتخاذ اي موقف تجاه اي من الحلفاء الأطراف في الازمة. بالنسبة لعمان الموقف حرج للغاية فالعلاقة مع القطريين اساسا تم ترميمها قبيل القمة العربية، كما ان الرياض وابو ظبي والمنامة حلفاء استراتيجيين وكذلك مصر.
كلفة عدم اتخاذ موقف تحت عنوان “رئاسة القمة” وبالتالي لمّ الشمل العربي، اقل بكثير من كلفة الحياد لصالح السياسة الاردنية فقط، وهو الامر الذي تضعه عمان نصب عينيها ولا تستغله بعد، خصوصا مع تأكيدات حصلت عليها “رأي اليوم” من مصادر مغرقة في الاطلاع على كون الاردن لم يوضع في مأزق الاختيار من قبل حلفائه اصلا.
الوقوف على الحياد، أساسا في الأزمة بدا قرارا أكثر حكمة عمليا من التدخل، وبرأي الاردن فإنه لا يستطيع التماهي تماما مع قرار لا يُقاس على تفاصيل العلاقة بينه وبين قطر اصلا، فأدبيات التعامل بين سياستي الدولتين مختلفة تماما عما يجري مع مصر او حتى المنامة.
الاردن يقول صراحة ان قطر لم تكن يوما “ممولاً” للجماعات الاردنية ولن يسمح لها ان تكون كما حصل في مصر والمنامة، كما ينظر صانع القرار الاردني اساسا لجماعة الاخوان المسلمين لديه بخصوصيتهم المختلفة عن بقية الحركات المشابهة في العالم العربي.
من هنا تقدّر عمان ان دول الخليج جميعا لم تحاول الضغط الشديد عليها بأي اتجاه، لا بل وقام عاهل المملكة الاردنية الملك عبد الله الثاني بتفهّم الموقف الكويتي في الازمة، والتخلي عن زيارته المبرمجة مسبقا الى الكويت لصالح زيارة “وساطة” يقوم بها امير الكويت للرياض الثلاثاء.
امير الكويت هاتف عاهل الاردن ليلة الاثنين الثلاثاء وبناء عليه جرى الاعلان عن تاجيل زيارة الملك عبد الله للكويت رغم الاعلان المسبق عنها ومنذ نحو اسبوع ضمن جولة خليجية يقوم بها عاهل الاردن ووزير خارجيته.
بالنسبة لعمان فهذا اكثر ما تستطيع تقديمه في المرحلة وهي تراعي مصالح ابنائها الموجودين في قطر، والذين يتجاوزون الـ 50 الف مواطن يعملون في الدوحة، كما تراعي بذات الوقت اضعافهم ممن يعملون في السعودية والامارات والبحرين.
لا يمنع حياد عمان طبعا المراقبة بحرص شديد للمشهد، وهو ما بدأه الاردن اصلا منذ بدأت بوادر الازمة قبل اسبوعين تقريبا، إذ حرص الملك ووزير خارجيته على عدم التدخل في تفاصيل الازمة باعتبار البيت الخليجي الاقدر على حل مشكلاته من اي دولة اخرى.
من هنا تحديدا تنطلق فكرة دعم الاردن للكويت في وساطته بين الدول، دون تدخل مباشر، خصوصا والاردن اليوم يرى في اي ازمة في الاقليم زيادة في التشويش على الازمات الموجودة وقيد الحل، كالازمة السورية والعراقية والقضية الفلسطينية.
بالنسبة للاردن اساسا فحدوده تحتل الاولوية الكبرى لديه، وخصوصا الشمالية منها في مرحلة يتباحث فيها اكبر مقاولي المنطقة وفي العاصمة الاردنية على مناطق عازلة “او منخفضة التوتر” على الحدود وفي داخلها.
من هنا يتضاعف الاهتمام الاردني بالجيش، فنجد عاهل الاردن يفطر مع جنوده ليلة الاثنين الثلاثاء ويتحدث اليهم، وقبل ذلك يوعز بإفطار رئيس هيئة الاركان الجنرال محمود فريحات مع المتقاعدين العسكريين، ويؤكد على عدم وجود نية لتدخل بري بأي طريقة بالجوار.
في الاثناء، يتعامل الاردن مع الازمة الخليجية وفقا لنظرية النار في البرد، فلا هو بعيد عنها حد الشعور بالبرد ولا قريب حد الاحتراق بتفاصيلها، خصوصا وهو يعاين بصورة دقيقة التفاصيل المتعلقة بالموجبات لتحرك مشابه، ويتساءل البعض في غرفه المغلقة عما اذا كان القرار ذاته سيحصل مع تركيا في ظل وجود موجبات مشابهة.
عدم انسحاب القرار على تركيا بالنسبة للاردن اوحى بالضغط على قطر لصالح مطالبها من قطر، وهو ما تتوقع مجسات الدولة في الاردن ان تخضع له قطر بعد صمتها وتأكيدها على الحوار وضرورته، خصوصا وان الحسابات الاردنية ايضا تضع طهران ومدى استفادتها من المشهد نصب عينيها، وتفكّر بكل الاحتمالات وبالتبعات على الجميع.
بكل الاحوال، فالتصريح الرسمي الاردني بعدم الرغبة في التعليق واضح المغزى، فالمصلحة الاردنية المباشرة ليس فقط في عدم التدخل والابقاء على مسافة الامان، وانما عمليا في دعم “ولو كان معنويا بسيطا” للجهد الكويتي لتطويق الازمة واحتوائها رغم التصعيد الكبير الذي اتخذته الدول الاربع ضد قطر، حتى تستطيع عمان التفكير بهدوء بما يعدّ على حدودها الشمالية من ” طبخات” امريكية روسية، في ظل اقتراب المليشيات الايرانية.