ما الذي يحتاج ترامب إخباره للشرق الأوسط؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 681
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

معهد إنتربرايز الأمريكي – التقرير
يقول مسؤول سابق بوزارة الدفاع الأمريكية مايكل روبين، في مقاله، إن أولى أولويات دونالد ترامب، خلال رحلته الأولى كرئيس، يجب أن تكون إعادة الثقة بين الولايات المتحدة وشركائها منذ فترة طويلة في الشرق الأوسط.
أصدقاء وحلفاء أمريكا في المنطقة حريصون على الهدوء، بعد سنوات من الاضطراب والشكوك المتبادلة في عهد الرئيسين بوش وأوباما. لكن سيكون من الخطأ بالنسبة لترامب أن يتجاهل الخلل العميق في الشرق الأوسط، أثناء بحثه عن حديث يعطي شعورًا جيدًا.
ربما ليس الآن، لكن سرعان ما سيحتاج ترامب إلى تسليم بعض الرسائل الصارمة لقادة المنطقة، حول مطالب المواطنين من أجل العدالة وحقوق الإنسان الأساسية والحكم الرشيد. الأهم من ذلك أنه سيتعين عليه أن يدرك أن الاعتماد على الجيش الأمريكي وخفض صفقات الأسلحة قد يكون حلًا مستدامًا للأزمة الدائمة في المنطقة.
كل منا جاء من وجهة مختلفة، فأنا باحث في معهد إنتربرايز الأمريكي اليميني، وبريان يعمل بمركز التقدم الأميركي اليساري. العام الماضي، اجتمع تفكيرنا حول مشروع فريد من نوعه في هذا العصر من الاستقطاب الحزبي في واشنطن. يتمثل المشروع في دراسة بين الحزبين على أرض الواقع لعوامل عدم الاستقرار في الشرق الأوسط، استنادًا إلى سلسلة من الزيارات والحوارات في المنطقة وحولها.
وجدنا أننا رغم اختلافنا حول الكثير من القضايا، مثل حرب العراق والاتفاق النووي الإيراني، إلا أننا نتفق على فكرة محورية واحدة، وهي أنه يجب على الولايات المتحدة أن تظل منخرطة في الشرق الأوسط. اشتكى الرئيس ترامب بقوة، مثل سلفه، من إنفاق أمريكا تريليونات الدولارات على حروب غير حاسمة على مدى العقود القليلة الماضية، وحلم بالابتعاد عن المنطقة ومشاكلها. الأمر الذي سيكون، في اعتقادنا، خطأ باهظ التكلفة.
لا يُعد الدافع الأساسي للرئيس – استعادة الثقة مع شركاء أمريكا في الشرق الأوسط – خطأ. حرب العراق عام 2003، ورد فعل أمريكا المتناقض تجاه الثورات العربية عام 2011، والاتفاق النووي الإيراني عام 2015، جميعها أسباب هزت من ثقة شركاء أمريكا التاريخيين في المنطقة، بما في ذلك البلدين اللذين سيقوم ترامب بزيارتهما، وهما المملكة العربية السعودية وإسرائيل. من الضروري إعادة بناء تلك العلاقات.
لإعادة بناء العلاقات، يجب على ترامب أن يضع في اعتباره درسًا أساسيًا من أخطاء السالفين له، مثل التسرع في السعي إلى إيجاد حلول سحرية للصراعات الدائمة في المنطقة، والذي غالبًا ما يتسبب في ضرر أكثر من النفع. لا يوجد علاج واحد للنزاع العربي الإسرائيلي، أو التوترات السنية الشيعية، أو مكافحة الإرهاب.
لن تؤدي أي صفقة دبلوماسية كبرى أو حملة عسكرية إلى حل التحديات الديموغرافية، الاجتماعية، الاقتصادية والسياسية الهائلة التي تواجهها دول الشرق الأوسط. باستثناء واحد متأرجح، وهو تونس، ترك ما يُسمى الربيع العربي المنطقة في المنتصف، لم تصبح أكثر ديمقراطية ولا أقل غضبًا. عندما يتعلق الأمر بالاستقرار والأمن الإقليميين، فطريق السلام لا يكمن في القدس أو الرياض وحدهما، بل في كل عاصمة لكل بلد على حدة.
بشكل بديهي، يبدو أن ترامب وكبار مساعديه أدركوا ذلك. في الأشهر الأربعة الأولى له في المنصب، قاموا ببث رسائل دعم إلى قادة الشرق الأوسط. كان ذلك على عكس “جدول أعمال الحرية” الذي وضعه بوش، والتوسع الواضح الذي وضعه أوباما لأول مرة في سلسلة من الخطب، واللذان أعطيا الأولوية للشعب على حساب القادة.
سعى ترامب ببساطة إلى إقامة علاقات ثابتة مع القادة، من خلال تجاهل الانتقادات الموجهة لسجلات حقوق الإنسان الخاصة بشركائه، وإرسال رسائل دعم لهم. قد تكون إقامة علاقة شخصية وثيقة مع الملوك والسلاطين والرؤساء خطوة أولية ضرورية، لكن لا ينبغي أن تكون الهدف النهائي، الذي لن يحقق استقرارًا دائمًا.
في الشرق الأوسط، يقول المتفائلون إن الأمور لم تكن أبدًا سيئة بشكل كبير، ويدرك المتشائمون أنها قد تزداد سوءًا. بتأمل ما تواجهه الولايات المتحدة، نجد أن يشمل: معركة ضد تنظيم داعش، ليس فقط في العراق وسوريا، ولكن أيضًا في مصر وليبيا وأفغانستان، بجانب تدخل إيران الإقليمي المستمر، ناهيك عن القادة الهَرمين الذين يبشرون بسلسلة متوالية من الصراعات المحتملة في الجزائر وفلسطين وعمان وإيران.
هناك أيضًا تركيا وقطر، وزعم البعض تمويلهما للتطرف، وتنظيم القاعدة الذي يتجمع من جديد وينتظرون بترقب، بجانب أزمة اللاجئين التي لم يسبق لها مثيل وتهدد “بجيل ضائع”، وأدت إلى انقلاب وضع الأمن في المنطقة، والسياسة في أوروبا.
حين يسعى ترامب للتعامل مع منطقة في أزمة ما، فيجب عليه تجنب رؤية الجيش الأمريكي أو وكالة المخابرات المركزية كحل لكل مشكلة. كان هذا هو نظام بوش في زيادة عدد القوات الأمريكية عام 2007 بالعراق، حيث ضحى بالاستقرار على المدى البعيد في سبيل الهدوء على المدى القصير.
في الواقع، قام بوش باستئجار الولاء من القادة السُنة العراقيين، وحفز على مزيد من النضال الطائفي. اليوم، تفكر الولايات المتحدة وشركاؤها في مستقبل العراق بعد داعش، يمكن أن يتكرر نفس النمط إذا حلت الأسلحة والميليشيات الممولة محل استراتيجية أكثر شمولية طويلة الأجل.
في باكستان، لم تكن واجهة سياسة الولايات المتحدة لعقود من الزمن هي وزارة الخارجية، لكن البنتاجون ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية، ومشاركة الولايات المتحدة الأمريكية هناك لم يساعدوا على اقتلاع التطرف الديني، الذي يرى البعض أنه يلقي بظلاله على السياسة الداخلية الباكستانية والمشاركة الإقليمية.
يمكن أن يؤدي الاعتماد الكبير على الأدوات العسكرية والاستخباراتية إلى تفاقم العداء ضد الولايات المتحدة، مما يتسبب في دعم التصور بأن الولايات المتحدة لا تهتم إلا بمصالحها الضيقة، وليس الصراعات وتطلعات الناس المتضررين من نفوذها العالمي الضخم.
كما يمكن لحزم المعونة العسكرية المربحة أن تعمل على إعاقة البلدان عن حل مشاكلها الأمنية. لماذا يجب على الجيش الباكستاني هزيمة طالبان إذا كان وجود هذه المجموعة يجلب لإسلام أباد مليارات الدولارات؟ أو كما في اليمن، حيث تخوض السعودية والإمارات العربية المتحدة حربًا ضد جماعة تدعمها إيران وتُدعى الحوثيون. لن يؤدي تقديم شراكة عسكرية غير مشروطة، دون استراتيجية سياسية ذكية، سوى إلى تفاقم معاناة هذا البلد، ودعم المزيد من التطرف.
يرى البعض أن ترامب على حق في السخرية بشأن بناء الأمة. بعد عقود من الروتينية والبيروقراطية، تصلبت وزارة الخارجية والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية. لا ينبغي أبدًا أن يكون المال مقياسًا لمدى الفعالية. كثيرًا ما يُزيد صب الموارد إلى مناطق الصراع من حالة الاتكال والفساد، بدلًا من الحكم الرشيد.
لكن علاج الأصبع المكسور لا يكمن في بتر الذراع. تأتي الاقتطاعات الهائلة في الأدوات الدبلوماسية، كما اقترحت إدارة ترامب، بنتائج عكسية. مثلما أن زيادة عدد الموظفين غير فعال، كذلك نقصهم يعيق من هم مسؤولون عن معرفة كيفية تنفيذ أوامر واشنطن على الأرض.
إذا ما هزمت الولايات المتحدة وحلفاؤها تنظيم داعش، كما وعد ترامب، سنحتاج إلى دبلوماسيين وعمال إغاثة؛ للمساعدة في إبقاء قوات الفوضى هناك. في جميع أنحاء المنطقة، يُعد العمل الشاق، الذي غالبًا ما يكون محبطًا لموظفي الخدمة المدنية، أمرًا حيويًا للنهوض بالاهتمام العام لأمريكا في منطقة سلمية ومستقرة ومزدهرة.
تحتاج إدارة ترامب إلى دمج التعاون الأمني والعسكري مع الجهود الدبلوماسية والسياسية ذات المصداقية؛ لحل الصراعات الدموية في اليمن وسوريا وليبيا. قد ترضي الشيكات على بياض الشركاء، لكنها لا تجلب السلام.
في حين أنه يجب على ترامب بالطبع إجبار الخصوم غير الراغبين، فيجب عليه أيضًا ممارسة النفوذ مع الشركاء؛ لضمان إجراء الإصلاحات الضرورية والحلول التوفيقية لترجمة الانتصارات العسكرية إلى أمر مستدام.
نعم، في الوقت الذي يسافر فيه ترامب إلى الرياض، يجب أن يفكر في كيفية كسب أصدقاء وحلفاء أمريكا صعاب المراس في الشرق الأوسط. لكنه أيضًا يجب أن يبدأ في التخطيط لكيفية إخبارهم ببعض الحقائق المزعجة.