هل تستطيع السعودية إنهاء توطين العمالة في الجهات الحكومية؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 974
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

خاص – التقرير
تستعد الحكومة السعودية لتطبيق سياسة توطين الوظائف، حيث طلبت وزارة الخدمة المدنية السعودية، من الجهات الحكومية كافة، تصفير نسب المتعاقدين والمتعاقدات خلال السنوات الثلاث القادمة، والوصول إلى نسبة سعودة 100%، مع مراعاة عدم الإخلال بمستوى جودة الخدمات التي تقدمها تلك الجهات للمستفيدين.
نقلت صحيفة “عكاظ” عن نائب وزير الخدمة المدنية عبد الله الملفي، قوله إن خطة السعودة 2020 للوظائف العامة تُعد من أهم ركائز وأسس برنامج التحول الوطني ورؤية المملكة 2030، اللذين يعتمدان في تحقيقهما على تكاتف وتعاون الجهات الحكومية، والتزامها بتنفيذ متطلباتهما على أرض الواقع؛ لتنفيذ الهدف الاستراتيجي الأول المتمثل في تحسين ثقافة العمل الحكومي.
أظهرت إحصائيات سعودية رسمية ارتفاع عدد العاطلين في البلاد بنسبة 48% خلال السنوات الـ10 الماضية، رغم التدابير والخطط التي اتخذتها المملكة سابقًا للحد من الظاهرة.
أشار تقرير إحصائي إلى أن عدد العاطلين عن العمل في السعودية ارتفع من نحو 469 ألفًا في نهاية عام 2006 إلى نحو 693.8 ألف نهاية الربع الثالث من العام 2016، بزيادة تقارب 225 ألف فرد.

توقف استقدام أطباء الأسنان
في ذات السياق، فاجأت وزارة العمل السعودية بالتنسيق مع وزارة الصحة الثلاثاء الجميع بقرار وقف استقدام أطباء أسنان أجانب من الخارج، لإتاحة فرص العمل للأطباء السعوديين والسعوديات.
جاء ذلك خلال ورشة عمل مشتركة بين الوزارتين، وفقًا لوكالة “الأناضول”، لتحفيز القطاع الخاص، وتمكين السعوديين والسعوديات من العمل في القطاع الصحي.
لا تتوفر أرقام رسمية لعدد أطباء الأسنان المواطنين في السعودية، أو نسبة البطالة بين صفوفهم.
تسعى المملكة عبر “التحول الوطني” إلى توفير 450 ألف وظيفة للسعوديين، وإحلال 1.2 مليون وظيفة بالمواطنين بحلول 2020.
يأتي القرار في ضوء عدد من الخطوات اتخذتها السعودية لتوطين بعض المهن “السعودة” مؤخرًا، إذ أصدرت وزارة العمل قرارًا، أبريل الماضي، بحصر العمل بالمراكز التجارية المغلقة (المولات) في المملكة، بالسعوديين والسعوديات.
كما أعلنت الوزارة مارس الماضي عن آلية جديدة تتعلق باستقدام العمالة الوافدة، بهدف توفير فرص عمل للمواطنين، بعد أيام من إعلان الوزارة أنها ستعمل على خفض سيطرة الأجانب على ما وصفته بـ “الوظائف الحرجة”، عبر رفع نسب توطين السعوديين في هذه الوظائف.
كذلك أصدرت مؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي) في فبراير الماضي، قرارًا يلزم شركات التأمين وشركات المهن الحرة بالعمل على توطين جميع الوظائف المتعلقة بإدارات مطالبات المركبات. يشمل ذلك فروع ومراكز استقبال المطالبات، المعاينين، إدارة الحطام، الاسترداد، وكذلك توطين جميع الوظائف المتعلقة بإدارات العناية بالعملاء، والوظائف المتعلقة بمهام معالجة الشكاوى، وذلك لجميع فروع التأمين.
كذلك شمل القرار إلزامية التوطين لجميع الوظائف في الإدارات المحددة أعلاه بمختلف أنواعها ودرجاتها ومستوياتها، إضافة إلى توطين الوظائف في الشركات المُسند إليها بعض أو كل هذه الوظائف.
ألزم القرار شركات التأمين وشركات المهن الحرة بالالتزام باستكمال توطين الوظائف الواردة في التعميم بنسبة (100%) خلال موعد أقصاه 2 يوليو المقبل.

برنامج “نطاقات”
مؤخرًا نقلت “رويترز” عن مسئولين حكوميين عزم وزارة العمل السعودية زيادة عمل المواطنين بقطاعات اقتصادية معينة، في سبتمبر 2017، من خلال برنامج “نطاقات”، الذي بدأ العمل به في 2001. تهدف خطوة وزارة العمل من توسيع قاعدة العمالة السعودية، إلى تقليل نسبة البطالة بين المواطنين إلى 9% بحلول عام 2020.
يأتي إقدام الحكومة السعودية على التوسع في مجال توطين العمالة تحت وطأة الضرورة الاجتماعية، إلا أن الأمر ليس سهلًا، وسيواجه بتحديات اجتماعية واقتصادية منها:

البطالة المقنعة
تجد الحكومة السعودية نفسها أمام ضرورات اجتماعية، بسبب ارتفاع نسب البطالة من جهة، وكذلك زيادة الضغوط الاجتماعية المرتبطة بزيادة معدلات التضخم أو زيادة معدلات الفقر، نتيجة النهج الاقتصادي الجديد، بتخفيض الدعم الحكومي عن الخدمات العامة، وبخاصة في قطاعي الكهرباء والماء، بل قد تطول هذه الخطوات رفع أسعار الوقود خلال الفترة القادمة.
لم تنجح السعودية بشكل كبير في تخفيض نسبة النساء العاطلات إلا من خلال التوظيف في قطاعي التعليم والجهاز الإداري للدولة، وهي قطاعات تعاني من التكدس أو البطالة المقنعة. لكن يبقى تحرك الحكومة في توظيف النساء على المتعلمات، بينما هناك أميات من النساء بحاجة للحصول على فرصة عمل ولا يجدنها. مع ذلك تُظهر إحصاءات عام 2016 أن الإناث الحاصلات على مؤهلات جامعية بالسعودية تصل نسبة البطالة بينهن لنحو 76%.
وفق البيانات الإحصائية لعام 2016، بلغ عدد العاطلين السعوديين 693 ألف فرد، تستحوذ النساء على النسبة الكبيرة من هذا العدد بنحو 63.4%. وفق الأرقام المنشورة بالتقرير الاقتصادي العربي الموحد لعام 2016، فنسبة الأمية بين النساء في السعودية بالفئة العمرية (15 سنة فما فوق) قرابة 10%.
لا يقتصر عبء البطالة والتداعيات الاجتماعية السلبية على النساء فقط، فهناك فئة الشباب، التي يصل بها معدل البطالة إلى 39% في الفئة العمرية (25 – 29 سنة)، كما ترتفع نسب البطالة بين غير المتزوجين، لتصل نسبتهم من بين العاطلين لنحو 63%.

تحديات الحكومة
تعول الحكومة السعودية في مشروع رؤيتها 2030 على دور كبير للقطاع الخاص، وبالتالي فالمعايير لدى هذا القطاع – فيما يتعلق بالعمالة – ستكون الكفاءة، بغض النظر عن كون هذه العمالة من الوافدين أو المواطنين، وفرض حصص معينة من العمالة الوطنية على شركات القطاع الخاص، سيجعلها تعاني من التحديات الآتية:
– عدم توفير العمالة المطلوبة لمهن معينة، مثل قطاع الإنشاءات، حيث لا يُقبل السعوديون على مثل هذه المهن، والتي تُعد في تصنيف العمالة الحرفية (الحداد، والنجار، والسباك، والكهربائي، …)
– لم تتوفر القناعة اللازمة للقطاع الخاص بتوطين العمالة، لذلك لجأ إلى ما يعرف بالتوظيف الوهمي، ثم يستعين بعد ذلك بالعمالة الوافدة.
– قد تجد مؤسسات القطاع الخاص مرونة في تعاملاتها مع العمالة الوافدة ولا تجدها مع العمالة الوطنية، مثل تأخر الرواتب، أو تخفيض الرواتب في بعض الأوقات، أو تكليف العمالة الوافدة بأعمال خارج نطاق العقود المبرمة.
– يظل عقد العمل هو القيد الوحيد على القطاع الخاص تجاه العمالة الوافدة في مسألة الاستغناء عن العمالة، بينما مع المواطنين، قد تكون هناك التزامات أخرى يفرضها قانون العمل.
– في حالة السماح للاستثمار الأجنبي بممارسة دور أكبر في السعودية وفق متطلبات رؤية 2030، فسيكون معيار توطين العمالة أحد التحديات الكبيرة التي ستحاصر الحكومة، إذ سيكون اختيار المستثمرين الأجانب قائمًا على تحقيق مصالحهم، المتمثلة بشكل رئيسي في أعلى معدلات للربح، وليس المستهدفات الاجتماعية والاقتصادية للحكومة السعودية.