اجتياح العوامية.. شهداء وجرحى, وبيان سعودي يعاكس الوقائع والأحداث

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 720
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

تقارير

العوامية.. تبدو هذه الأيام ساحة حرب حقيقية يخوضها طرف واحد بكل ما يملكه من عتاد وذخيرة.. العوامية منطقة عسكرية مغلقة, جرَاء إحاطة جميع مداخلها ومخارجها كما بلدة القديح المجاورة بحواجز خرسانية ضخمة لإحكام الحصار حولهما،،،

أصدرت وزارة الداخلية السعودية مساء يوم أمس 12 مايو بياناً مقتضباً حول العملية العسكرية الغير مسبوقة التي تقوم بها قواتها المدججة بالأسلحة في مدينة العوامية منذ 10 مايو، إستجابة كما بدا أنها طلبات لعدد من البعثات الدبلوماسية الغربية في العاصمة الرياض، وضغوطات من الإعلام الغربي نتيجة القلق من تفجر الأوضاع، في المدينة التي تقع على أطرافها أنابيب وحقول النفط والغاز.

الداخلية السعودية قالت في بيانها: “وعند شروع عمال الشركة المنفذة لأحد المشاريع التنموية – التي تشرف عليها أمانة المنطقة الشرقية لتطوير حي المسوّرة بمحافظة القطيف – بتنفيذ مهامهم تعرضوا لإطلاق نار كثيف مع استهداف الآليات المستخدمة في المشروع ‏بعبوات ناسفة لتعطيلها من قبل عناصر إرهابية من داخل الحي، بهدف إعاقة المشروع وحماية أنشطتهم الإرهابية”.

في حين أن الصور ومقاطع الفيديو التي نشرها الأهالي بعد ساعات قليلة من اقتحام القوات السعودية للبلدة بشكل مباغت والناس نيام قبيل الدقائق الأولى من صلاة فجر الأربعاء الماضي، أثبتت بوضوح أصوات هائلة لزمجرات الأسلحة الرشاشة, وظهرت فيها عدة مباني وقد اخترق الرصاص والقذائف جدرانها, فيما ظهرت عدة سيارات تحترق، كما ظهرت فيها آليتات ثقيلة متوقفة وسط الحي التاريخي وقد تعرّضت لطلقات نارية أخترقت زجاج كابينة القيادة التي بدت محصّنة بزجاج مقاوم للرصاص كما هو حال بقية الأجزاء التي بدت مغلفة بهيكل معدني مضاد للرصاص.

وفي حين ادعى بيان الداخلية أن الآليات تعود إلى مقاول متعهد مع البلدية، أكد الأهالي أن عساكر القوات السعودية كانوا يقودون تلك الآليات بأنفسهم، دون وجود أي عمالة مدنية برفقتهم، مؤكدين في الوقت نفسه أى الآليات تم نقلها بواسطة شاحنات عسكرية يقودها جنود مدججون بالأسلحة.

مقاطع أخرى أظهرت أيضاً إقدام مدرعات أمنية إطلاق نيران أسلحتها الرشاشة بصورة كثيفة تجاه مباني الحي من مسافة قريبة جداً وأصوات قذائف أصابت العديد من المنازل التي بَدت مهشمة نتيجة محاولة هذه القوات القضاء على مصادر النيران لعدد محدود من المقاومين لهذه العمليات تُطلق عليهم وزارة الداخلية إرهابيين، وتتهمهم بجرائم مجهولة, يؤكد نشطاء حقوقيون أنها اتهامات بدوافع سياسية.

وفي حين أشار بيان الداخلية لإصابة 4 من الجنود بإصابات طفيفة، فقد ذكرت تقارير إعلامية مستقلة سقوط 4 شهداء مدنيين بينهم طفل عمره سنتين، إضافة لعشرات الجرحى من الرجال وكبار السن والنساء والأطفال.

بيان الداخلية السعودية أشار لما أسماه استهداف “المقاومين” للأبرياء وإلقاء العديد من العبوات الناسفة على الآليات المستخدمة في المشروع، نتج عنها استشهاد طفل ومقيم من الجنسية الباكستانية، وإصابة 6 سعوددين و 4 آخرين من المقيمين الأجانب, نتيجة كثافة إطلاق الرصاص العشوائي من قبل المطلوبين, في زعم يتناقض مع معطيات الأحداث وتسلسلها الزمني وأماكن وقوعها, فالطفل “جواد داغر” قضى نحبه في حضن والدته أثناء مرور السيارة التي كان يقودها والده على أطراف بلدة العوامية وعند اقترابه من حاجز عسكري يفصل بين العوامية والقديح بارده جنود القوات السعودية بنيران رشاشاتهم فأصابته رصاصة في رأسه، مما يكشف كذب رواية الداخلية وبطلان اتهامها لـ”المطلوبين” بفتح النار على المارة، في حين أنهم محاصرين في حي المسورة الواقع في وسط العوامية.

مقاطع فيديو أخرى أظهرت مدرعات قوات المهمات الخاصة التي بدت وكأنها تخوض حرب مدن ضد أشباح نظراً لكثافة نيران أسلحتها الرشاشة والهستيرية التي لم تكد تنقطع للحظة طوال اليوم وهي تستهدف المنازل والمحال التجارية دون وجود أي آثار أو علائم لأية مقاومة. وهو مشهد استمر يتكرر منذ اليوم الأول من العملية ولغاية منتصف اليوم الثاني, الذي بدأت فيه حدة النيران تقل نسبياً لتعاود كثافتها مع كل ردة فعل يقوم بها مواطنون غاضون تجاه تحركات المدرعات المصفحة التي تجوب شوارع البلدة وهي تطلق النار عشوائياً في كل اتجاه.

وتشير أحصائيات حصلت عليها “مرآة الجزيرة” أن حصيلة الشهداء 4 أشخاص بخلاف بيان الداخلية الذي ذكر اثنين فقط، وبين الـ4 أحد المقاومين سقط في اليوم الأول من العملية 10 مايو، والطفل “جواد الداغر” من منطقة الأحساء في 11 مايو، كذلك أستشهد الشاب علي عقاقه في 12 مايو بعد تعرّض سيارته لإطلاق رصاص بشكل متعمد من قبل إحدى المركبات العسكرية بالقرب من مطعم “سبايسي ميل” شمال العوامية، وتم تجريف سيارته بواسطة المركبة المصفحة إلى دوار الكرامة، ومن ثم جُرِفَت مرة أخرى إلى مقربة من مركز الشرطة وسط البلدة. كما استشهد أيضاً مقيم من الجنسية الهندية في 12 مايو داخل المستشفى بعد أن دخل في غيبوبة طيلة يومين إثر تعرضه لطلق ناري اخترق رأسه أثناء قيادته سيارة عائلية بالقرب من مكتب البريد في 10 مايو، بما يخالف ما جاء في بيان وزارة الداخلية.

وبينما بلغت الإصابات أكثر من 20 بينها 3 إصابات خطرة لرجل وسيدة طاعنين في السن، وطفلة تبلغ من العمر 3 سنوات جميعهم من أهالي العوامية. فيما تراوحت الإصابات الأخرى بين الخفيفة والمتوسطة أغلبها لمواطنين من أهالي مدينة العوامية واثنتين من خارجها نتيجة رصاص عشوائي أثناء رشقات عنيفة وعشوائية كانت تقوم بها المدرعات أحياناً لغير سبب واضح, وأحياناً لمطاردو بعض سائقي السيارات أو الدراجات النارية من أهالي المدينة أو القادمين من خارجها للاطمئنان على أقاربهم وتزويدهم بالتموين والأغذية.

العملية العسكرية التي التي ستكمل يومها الرابع تخللتها عدة ساعات من الهدوء يوم أمس، للسماح لبعض العائلات المحاصرة في المنازل القريبة من محيط حي المسورة بالخروج منها بعد حصار استمر 3 أيام ونصف, تحت زمجرة الرصاص المنهمر ودوي القذائف التي لا تتوقف, وجاءت ساعات الهدوء إثر مناشدات واتصالات هاتفية أجراها بعض الأهالي مع مسؤلي وزارة الداخلية وتدخل وجهاء من المنطقة الذي وصفهم البيان بأنه تعاون من قبل الشرفاء من أهالي البلدة مع القوات الأمنية.

مصادر محلية ذكرت لـ”مرآة الجزيرة” أن القوات السعودية رفضت السماح لعائلتين الخروج من منزليها، وأصرَت على إخراجهم بواسطة المركبات العسكرية حيث نقلتهم لحاجز التفتيش المنصوب بين مدينتي العوامية وصفوى من أجل التقاط صور مصطنعة ظهر خلالها عناصر القوات السعودية وهم يعاملون أفراد إحدى الأسر معاملة حسنة بخلاف ما يسود طبيعة العملية والأجواء المرافقة لها من عنف وتجاوزات وتعدي وإذلال ضد الأهالي.

بينما قالت مصادر أهلية أن العملية العسكرية الحالية من المرجح أن تستمر عدة أيام أخرى نتيجة أصرار القوات السعودية على هدم حي المسورة وقتل المطلوبين أو اعتقالهم، على الرغم من بيان الخبراء الدوليون الذي حثّ السعودية على عدم هدم الحي التاريخي واحترام القانون الدولي لحفظ وصيانة التراث الثقافي للمجتمعات والجماعات الإنسانية.