«يديعوت أحرونوت»: أوهام «نتنياهو».. لا تحالفات حقيقية في الشرق الأوسط

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1171
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

ترجمة وتحرير شادي خليفة - الخليج الجديد
في مقابلة في ديسمبر/كانون الأول في برنامج 60 دقيقة بشبكة سي بي إس، سألت «ليزلي ستال» رئيس الوزراء الإسرائيلي «بنيامين نتنياهو» إذا كانت (إسرائيل) تمضي في تحسين علاقتها بشكلٍ كبير مع مصر. جاءت الإجابة بنعم. والأردن؟ نعم. والسّعودية؟ لا تعليق.
بالطّبع علّق «نتنياهو» حول السعودية، لكن بطريقة ملتوية. فقد وجّه إليه السؤال حول التحالف ضدّ إيران في الشرق الأوسط، وقال أنّ مثل هذا التحالف لا يحتاج لأن ينشأ لأنّه «موجود على أيّ حال». وفي يناير/كانون الثاني عام 2016، صرّح «نتنياهو» لـ«فريد زكريا» من شبكة سي إن إن خلال المنتدى الاقتصادي العالمي أنّ «السّعودية تعترف بأنّ (إسرائيل) حليف وليست عدوّ لوجود اثنين من التهديدات المشتركة تواجههما، إيران وداعش».
ووفقًا لتقرير لـ«جاكي هوغي» في جيروزاليم بوست في 27 فبراير/شباط، قال وزير الاستخبارات «يسرائيل كاتس» أيضًا أنّ «التعاون سوف ينمو إلى حدٍّ كبير، لأنّ الولايات المتّحدة ستقوده. وسيكون الهدف هو دفع إيران للخروج من المنطقة».
يدور كلّ ذلك في الخفاء، لكنّ إيران وباكستان ودولًا أخرى في المنطقة تعير ذلك اهتمامًا. وتتحدّث وسائلها الإعلامية حول ازدهار العلاقات الإسرائيلية مع دولٍ مثل السعودية. لكن المشكلة أنّ (إسرائيل) على الأرجح محبطة. لا توجد تحالفات في الشرق الأوسط. كلّ الحديث عن «ناتو عربي» سابق لأوانه. وناقش «عبد الرحمن الراشد» هذا الموضوع في قناة العربية الشهر الماضي، مشيرًا إلى أنّ السعودية ومصر والأردن والإمارات قد يعملون معًا لمواجهة إيران. وقال أنّ إضعاف دور الولايات المتّحدة في المنطقة تحت إدارة الرئيس «باراك أوباما» قد أدّت إلى فراغ ملأته إيران من خلال سياستها الخارجية التي تشبه الأخطبوط.

تحالفات شكلية
وخلال عقود الحرب الباردة، ظهرت العديد من التّحالفات في منطقة الشرق الأوسط مثل حلف بغداد والذي ضمّ العراق وإيران وباكستان وتركيا، وجامعة الدول العربية، ودول عدم الانحياز، وأوبك. وكانت العديد من هذه المنظّمات ذات طابعٍ رسميٍ للغاية مع قواعد معقّدة حول السيادة الاقتصادية للدوّل. لكنّ كل ذلك كان مظهرًا شكليًا يتناقض مع ما وصلت إليه المنطقة من فوضى على مدى الأعوام المتتالية. وضربت الانشقاقات تلك التحالفات أولًا مع انحياز بعض الدول للاتّحاد السوفييتي، وثانيًا بسبب الصراع العربي الإسرائيلي.
وسقطت الملكيات في مصر وليبيا والعراق. وصعدت القوميات العربية وسقطت. وأصبحت العلمانية اللبنانية رهينة لدى حزب الله. وأصبح الفلسطينيون نقطةً محورية في الصراع، وخاصةً في الأردن ولبنان، وكذلك في العراق وسوريا ومصر والكويت ودولٍ أخرى، قبل أن يتلخّص الصراع في السلطة الفلسطينية في الضفّة وحماس في غزّة.
وفي الأعوام الأخيرة اختفى الحديث حول الصّراع العربي الإسرائيلي، وبرز بدلًا منه الحديث حول الصرّاع بين الشيعة والسنّة. وفي الوقت الذي بدا أنّ القوى السنّية مثل السّعودية ومصر ستقف جنبًا إلى جنب ضدّ إيران ووكلائها في العراق ولبنان وسوريا واليمن، فإنّه ليس هناك في الشرق الأوسط ما يظهر حقيقة وفق ما يبدو عليه. فقد ذهب وزير الخارجية السّعودي، «عادل الجبير»، والذي كان أشدّ المنتقدين لإيران، إلى بغداد وتقابل مع الحكومة الشيعية المدعومة من إيران.
وفي 20 فبراير/شباط، استدعت إيران السفير التركي بعد تصريحات وزير الخارجية التركي، «مولود تشاويش أوغلو،» في مؤتمر ميونيخ حول «السياسة الطائفية» لإيران والتي تهدف لتوسيع نفوذها في المنطقة. ومع ذلك، تقابل الرئيس التركي «رجب طيب أردوغان» يوم 1 مارس/آذار مع الرئيس الإيراني «حسن روحاني» في إسلام آباد بباكستان خلال جلسة عامة لمنظّمة التعاون الاقتصادي. وكان من المفترض أن تردّ إيران الصّاع لتركيا مع الحديث عن انتهاكاتها في سوريا والعراق، لكنّها بدلًا من ذلك سعت إلى تلطيف الأجواء.
وتوازن مصر أيضًا زعامتها في العالمين العربي والسنّي بعلاقات مختلفة مع إيران وسوريا، «الأعداء» بالنّسبة للسّعودية. وقد كتب «هيثم حسنين» و«وسام حسنين» في ذا هيل يوم 3 مارس/آذار حول ذوبان الجليد في العلاقات المصرية مع طهران. وقد خرجت مصر أيضًا عن طوع السّعودية بالتّعامل مع بغداد، والتي هي أقرب لطهران. وفي أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، تقابل «جبار اللعيبي» وزير النفط العراقي مع سفير مصر في بغداد وقال أنّ يسعى «لتعزيز العلاقات».
واختلفت مصر مع السعودية في مواقفٍ متتالية مثل امتناعها عن إدانة سوريا في الأمم المتّحدة، ودعمها لمشروع القرار الروسي على خلاف موقف السعودية وباقي دول الخليج العربي.
ولا يوجد في المنطقة علاقة معقّدة مثل علاقة الأكراد بجيرانهم. ففي مقابلة مؤخّرًا بين رئيس إقليم كردستان العراق مسعود برزاني والأتراك، احترم الأتراك الحكم الذاتي الكردي ورفعوا العلم الكردي في المقابلة. وهذه إشارة من تركيا للعراق أنّها لا تزال على علاقة قوية بالأكراد. وفي نفس الوقت، هدّدت تركيا بالهجوم على المنطقة الكردية في سوريا التي تدار بواسطة الواي بي جي (حزب الاتحاد الديمقراطي) المتحالفين مع البي كا كا (حزب العمال الكردستاني).
ورغم ذلك لن يذهب الرئيس السوري «بشّار الأسد» إلى الرياض في وقتٍ قريب. فالشّارع في كثير من الأحيان أكثر عدائية من بعض القادة. وادّعى السلفيّون أنّ الكتب الشيعية قد انتشرت في معرض الكتاب الأخير لنشر التأثير الإيراني. وأدان حزب الحركة القومية في تركيا رفع العلم الكردي في أنقرة.

تغيّر العلاقات في الشرق الأوسط
تقلّص تأثير السّعودية في لبنان إلى حدٍّ كبير منذ مساعدتها في صياغة اتّفاق الطائف عام 1989. والفلسطينيون الذين هلّلوا يومًا لـ«نصر الله»، يتحفّظون تجاهه اليوم. وإيران التي حاولت استخدام حماس تشعر اليوم بخيبة أمل.
في عام 1990، طردت السّعودية الدبلوماسيين الأردنيين وقطعت عن الأردن إمدادات النفط بسبب علاقة الأردن بـ«صدّام حسين». والأردن اليوم من بين أقرب حلفاء السعودية. وقد توتّرت علاقة قطر بمجلس التعاون الخليجي لدعمها جماعة الإخوان المسلمين. وسقطت مصر وتركيا في الخلافات أيضًا بسقوط الإخوان عام 2013.
لكن لا شيء من هذا دائم. لا يوجد تحالفات حقيقية في الشرق الأوسط. والكتلة التي تتخيّلها (إسرائيل) لمناهضة إيران تبقى حلمًا. هذا لأنّه على الرغم من تقديم السّعودية عرضًا لـ (إسرائيل) للسلام والاعتراف قبل 15 عامًا، وعلى الرغم من أن العداء المستند على الطائفية أكثر من العداء الموجّه لـ (إسرائيل)، لا توجد كتل راسخة. وقد بدت تركيا وروسيا على وشك المواجهة عسكريًا في سوريا بعد إسقاط تركيا للمقاتلة الروسية عام 2015، لكن بعد ذلك التأم الصدع. ونجد أنّ القوى التقليدية المعادية للسّامية هم اليوم أقرب لـ (إسرائيل)، بينما إيران التي لديها سجل منخفض في معاداة السامية أشدّ كرهًا لـ (إسرائيل). وأفضل نصيحة هنا لصانعي القرار، ألّا يصدّقوا أبدًا ما تبدو عليه الصورة الظاهرة، ولا يعتبرون الإجراءات التي تحدث في وقتٍ ما انعكاسًا حقيقيًا لسياسة الدول.
هناك تراكمات من التوتّرات المعقّدة التاريخية والدينية والعرقية ومتعدّدة الأطراف والثنائية والاقتصادية تميّز هذه المنطقة.
المصدر | يديعوت أحرونوت