استراتيجية أمريكا الجديدة في الشرق الأوسط

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 2229
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

ذا هيل – التقرير
بعد مرور أحداث الحادي عشر من سبتمبر بأمريكا، اتجه مُشرعو القوانين الأمريكية إلى النظر للشرق الأوسط من خلال عدسة ترصد الإرهاب وحده، إلا أن المشكلة الحقيقية هنا تكمن في ظهور منافسة قوية قائمة على اقتصار الشرق الأوسط على كونه دولة إرهابية واحدة.
فالاعتماد على استراتيجية نظرة الولايات المتحدة الأمريكية للشرق الأوسط بعدسة الإرهاب، للقضاء عليه، ما هي إلا خطة مصيرها الفشل مهما طال الوقت، ولن ينتج عنها أبدًا أي استقرار في المنطقة أو العالم كله.
وهو أمر إذا نظرنا إليه نجد أنه ليس بالجديد. حيث شهدنا على مر الزمن انهيار العديد من الدول الإسلامية، وتوسع سيطرة الجماعات الإرهابية في المنطقة بأسلوب يعكس عيوبا واضحة في الاستراتيجية، لا تخلو من نقطة عمياء لن تنجح أمريكا في الالتفات إليها بسبب اتجاه العديد من الجهات الحكومية وغير الحكومية في المنطقة إلى عرض التحديات الرئيسية المهمة وربطها بوجود كياناتها.
وعلى الرغم من وجهات النظر المغلوطة، إلا أن الإدارة الأمريكية الجديدة لاتزال مُصرة على استمرار انتهاجها للأسلوب نفسه لمكافحة الإرهاب، تمامًا مثل سابقيها من الإدارتين السالفتين، لتخاطر بذلك بتوسع رقعة عدم الاستقرار والصراعات التي نشهدها اليوم في الشرق الأوسط عوضًا عن الحد منها.

صراعات عربية داخلية
الشرق الأوسط به العديد من الصراعات الداخلية المتشابكة؛ من اليمن لسوريا والعراق وأفغانستان وليبيا، فالمؤسسات الحكومية في داخل البلاد العربية المذكورة هشة للغاية أو منهارة بالفعل ولا أساس لها. مع استمرار الصراعات دون أن تلوح منها لأي نهاية في الأفق حتى الآن. وبالطبع، ستجد أن الجماعات الإرهابية مثل حزب الله والدولة الإسلامية وتنظيم القاعدة تستغل حالة عدم الاستقرار الناتجة عن التنافسات القائمة ما بين حكومات الدول من أجل زيادة سيطرتها على زمام الأمور، وبالتالي تتوسع عملياتها المنظمة، وتتزايد أهدافها السياسية التي تعبر عن مبادئهم ومن ثم تجند المزيد من الأتباع لهما.
وهو ما يشير إلى أن قلة الإرهاب وزيادة معدل الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط ستعمل بالتتابع على تقليل معدلات التنافس المحلية ما بين الحكومات.. بمعنى آخر، لابد وأن تهتم الولايات المتحدة الأمريكية بالحفاظ على الاستقرار في الشرق الأوسط، واحتواء الصراعات المتسببة في اشتعال الخلافات للتغلب على عدم استقرار المنطقة، وهو ما سيترتب عليه منع إيران والسعودية من الاتجاه إلى تحقيق أكبر رغباتهم في المواجهة العسكرية المباشرة.
ولحسن الحظ، تستطيع الولايات المتحدة الأمريكية التأثير بشكل إيجابي على تقليل التنافس القائم بين الحكومات في الشرق الأوسط (وهو ما إن نمَّ على شيء فهو أن ما يمر به الشرق الأوسط من تعقيدات ليس إلا بسبب تاريخ أمريكا الحافل بالتدخلات بالمنطقة).
ففي نهاية المطاف، لابد وأن تسعى أمريكا إلى مساعدة الجهات الحكومية المتحكمة في مجريات أمور الشرق الأوسط بتسليط الضوء على الصراعات المتحكمة فيه لتجنب تعارضها مع مصالحها الداخلية. ولابد وأن تعي الحكومات العربية إلى خطورة الصراعات القائمة من تأثيرها بالسلب على استقرارها عاجلا أم آجلا، وعلى بقاء أنظمة الحكم الخاصة بهم.
يُعَد إجبار الجهات الحكومية المسيطرة على مجريات الأمور في الشرق الأوسط على رؤية الواقع أمرًا صعب التحقيق، على الرغم من سهولته نظريًا. فلا بد وأن يكون للولايات المتحدة الأمريكية دورًا حاسمًا من كل ما سبق عن طريق التأثير على ما يحدث بالمنطقة من خلال مواجهة حاسمة مع إيران.
دعونا نتخيل احتمالية تغيير سياساة أمريكا تجاه إيران لكي تغير حالة الشرق الأوسط المليئة بالصراعات للوصول بالمنطقة إلى حالة أكثر استقرارًا.
لذلك لابد وأن تعيد الأمم المتحدة الأمريكية التركيز على احتمالية عودة ممارسات إيران الخبيثة عن طريق الاضطرار إلى مواجهة مضايقات إيران المستمرة للحركة التجارية في النقاط البحرية المهمة؛ ولكي تتم هذه الخطة لابد و أن تتخذ أمريكا قرارات عسكرية ضرورية؛ فتفرض ضغوطات متعددة الأطراف وخطوات أخرى ديمقراطية النهج؛ مثل مضيق هرمز وباب المندب، لتساعد على تهدئة روع كل من دول الخليج.
وهي دول تتخذ أمريكا مخاوفهم تحت عين الاعتبار وعلى أتم الإستعداد للدفاع عنها؛ بهدف حماية مصالحها المشتركة؛ مما يؤدي إلى تقليل خطر التصعيد إذا ما تصرف أي فرد من هؤلاء الشركاء كل على حدى.
وهو أمرٌ من شأنه إجبار إيران هي الأخرى على المشاركة في هيكل الاستراتيجية الأمريكية لمنع خطر حدوث أي موقف يثير أي خلافٍ ما بين السعودية وأمريكا. وعلى أمريكا ألا تكتفي بذلك فقط، فمن الذكاء أن تستدرج السعودية إلى الجانب الايراني؛ منعًا لأي تصرف من السعودية، وحدها ودون اللجوء إلى أمريكا، قد يؤذي استراتيجيتها؛ نظرًا لعمليات إيران الإستفزازية لها، خاصةً إذا ما شعرت السعودية بتخلي أمريكا عنها لصالح إيران؛ تمامًا مثلما حدث أثناء فترة حكم الإدارة الأمريكية السابقة. حيث شرعت السعودية، في الفترة الماضية، على اتخاذ إجراءات بدأت في الإضرار بأهداف أمريكا الاستراتيجية ومصالحها بعيدة المدى المتمثلة في قرارات السعودية في حربها ضد اليمن.

خطط أمريكا لمنع إيران
لابد وأن تتجه أمريكا إلى ضحر النفوذ الإيرانية الخبيثة في المنطقة، ومنع تزايد سيطرتها عن طريق تنفيذها لخطط طارئة سريعة داخل منطقة الخليج العربي المصاحبة لعرضها لإمكانياتها العسكرية، إلى جانب ضرورة إنهاء أمريكا لوجودها العسكري المرتبط بالحكومة العراقية قبالة انتهاء عملياتها العسكرية المشاركة في الموصل. ولاتزال المعضلة الأساسية قائمة، فلا يمكنك توفير إجابات سهلة إذا ما تعلق الأمر بالشرق الأوسط، فمن المحتمل أن تجده أسوأ مما هو عليه الآن.