أكبر إنجاز لنتنياهو: الود العربي الزائد وتوظيف التهديد الإيراني الذي تروج له السعودية لإخضاع الخليجيين

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1910
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

عندما أقر مؤتمر القمة العربية في بيروت (مارس) من العام 2002 المبادرة السعودية، التي تحولت إلى مبادرة عربية، كان رد رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي آنذاك، أرئيل شارون، بأن أطلق العنان لجيش الحرب الإسرائيلي بإعادة احتلال الضفة الغربية ومُحاصرة رئيس السلطة في تلك الأيام، ياسر عرفات، وفقا لما كتبه أحد المتابعين للشأن الصهيوني.
وقد وصف وزير الأمن آنذاك، بنيامين بن إليعزر، المبادرة العربية في حديثٍ أدلى به لصحيفة “معاريف” العبرية، بأنها أكبر إنجاز حققته الحركة الصهيونية منذ تأسيسها، ذلك لأن المُبادرة العربية شملت تطبيعًا كاملاً مع “إسرائيل”، مُقابل انسحاب “إسرائيل” من الأراضي التي احتلتها في عدوان يونيو من العام 1967.
وقد رفضت “إسرائيل” هذه المبادرة وأبلغت العرب أن تنازلاتهم ليست كافية. وقال هذا المحلل العربي المقيم في الناصرة الفلسطينية إنه يتبين، وفقا لرؤية نتنياهو، أن المعادلة التقليدية القائمة على التوصل إلى سلامٍ مع الأنظمة العربية، بعد حل القضية الفلسطينية، باتت نتيجة الود العربي معكوسة: السلام والتطبيع مع هذه الأنظمة أولا، وتحديدا الخليجية، ثم النظر في أمر التسوية الفلسطينية لاحقا.
علاوة على ذلك، كما كتب، بات واضحا أن الود العربي الزائد تجاه “إسرائيل” يدفع ويتيح لنتنياهو أن يتطلع إلى المزيد، وأن يتريث ويتراجع حتى عن المبادرة الإقليمية، الأمر الذي يشير إلى رهانه على إمكان التطبيع مع هذه الأنظمة، وفي الوقت نفسه إنهاء القضية الفلسطينية، بلا تنازلات، حتى وإن كانت شكلية.
وقد اتهم الإسرائيليون وزير الخارجية الأمريكي السابق، جون كيري، بتسريب نص الوثيقة التي عرضها نتنياهو على رئيس المعارضة في الكنيست يتسحاق هرتسوغ، قبل ستة أشهر، والتي تضمنت اقتراح تصريح مشترك لتحريك مبادرة السلام الإقليمية، وكان يفترض بهما أنْ يُلقياه خلال قمةٍ تجمعهما بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في القاهرة أوْ في شرم الشيخ، وربماً أيضًا مع الملك الأردني عبد الله الثاني، في مطلع أكتوبر 2016. نص الوثيقة، والمبادرة التي لم ترَ النور نتيجة تراجع نتنياهو عنها، من شأنهما أن يُفسرا مواقف وتصريحات وإجراءات اتخذتها “إسرائيل” والولايات المتحدة ودولٍ عربيةٍ، ومن بينها زيارات لتل أبيب، في حينه.
ويأتي اقتراح نتنياهو على هرتسوغ، والذي تراجع عنه لاحقا، بعد سبعة أشهر من قمةٍ سريةٍ سبق لصحيفة “هآرتس” أن كشفت عنها، في مدينة العقبة الأردنية، في فبراير 2016، وشارك فيها إلى جانب نتنياهو الرئيس المصري والملك الأردني ووزير الخارجية الأمريكي جون كيري. وهذه القمة، بحسب الصحيفة العبرية، وما جرى التداول والاتفاق عليه خلالها، كانت الأساس الذي دفع نتنياهو إلى الاتصال بهرتسوغ، للبدء بمبادرة السلام الإقليمية.
ففي 26 يونيو، التقى نتنياهو بكيري في العاصمة الايطالية روما، وبحسب مسؤولٍ أمريكي سابقٍ، سأل كيري نتنياهو عن خطته تجاه الفلسطينيين، فكرر نتنياهو أمامه موقفه: مبادرة إقليمية مع دولٍ عربيةٍ، كما عرضها في قمة العقبة قبل أربعة أشهر. رد كيري بأنها غير كافية لدفع دولٍ عربيةٍ، كالسعودية والإمارات العربية المتحدة، لتنضم إلى مبادرة سلامٍ إقليميةٍ، واقترح عليه مبادرة إقليمية مختلفة: تشمل المركب الإقليمي الذي يرغب فيه نتنياهو، عبر مؤتمر سلامٍ إقليمي بمشاركة “إسرائيل” والفلسطينيين ودول عربيةٍ سُنيةٍ، بما فيها السعودية والإمارات، وكذلك روسيا والصين ودولٍ بارزةٍ في الاتحاد الأوروبي.
ولكن نتنياهو، أضافت المصادر الأمريكية والإسرائيلية، ماطل وتراجع، كعادته، فهو يدرك أن الدول العربية، التي يُطلق عليها لقب الدول السُنية المُعتدلة، باتت تضع على رأس سُلم أولوياتها التهديد الإيراني المزعوم، والإسرائيلي يستغل هذا التخوف العربي حتى النهاية، ويعمل على تأليب الإدارة الأمريكية الجديدة، بقيادة دونالد ترامب، ضد طهران، وهو الأمر يلقي تأييدًا واسعًا من الدول العربية التي تخشى “التمدد الإيراني” و هي مقولة تروجها السعودية لتبرير عدائها لايران و تقاربها مع “اسرائيل”.
واللافت أن هذه الأمور تجري في ظل تغييب إسرائيلي-عربي-أمريكي للجانب الفلسطيني، فرئيس السلطة محمود عباس، لم يُشارك في أي من الخطوات المذكورة. وأكثر من ذلك، ترفض إستراتيجية نتنياهو اليوم مقايضة لجم “التهديد الإيراني” المزعوم لدول الخليج بحل القضية الفلسطينية، أو على الأقل بالمُوافقة على عقد مؤتمرٍ إقليمي مع الدول العربية السُنية، وفقا لما كتبه المتابع الفلسطيني للشأن الصهيوني.