انطلاق القمة الخليجية الـ37.. وغياب عمان يؤكد “الاختلاف”

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 468
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

هند بشندي – التقرير
وسط عدة تحديات، انطلقت القمة الـ37 لمجلس التعاون لدول الخليج العربية بالعاصمة البحرينية المنامة.
ليست التحديات وحدها تحيط بالقمة، لكن هناك مزيدا من التطلعات لاستكمال مسيرة التعاون والتنسيق للوصول إلى تحقيق الوحدة الخليجية المرجوة.
وقال الملك حمد بن عيسى آل خليفة، في افتتاح القمة، إن مجلس التعاون لدول الخليج العربية بات صرحا دوليا فاعلا، مشيرا إلى أن اجتماع القمة الخليجية يأتي في ظل ظروف غير مسبوقة، مشددا على أن دول الخليج تتفوق في مواجهة فوضى التطرف والإرهاب.
وأضاف أن مجلس التعاون أضحى صرحا إقليميا، يبادر إلى تثبيت الأمن والسلم الإقليمي والدولي عبر دوره الفاعل في وضع الحلول والمبادرات السياسية لأزمات دول المنطقة ومنع التدخلات الخارجية في شؤونها الداخلية.
وأشاد بالمشاريع والمبادرات والاتفاقيات الاقتصادية بين دول المجلس ومن أهمها قيام السوق الخليجية المشتركة والربط الكهربائي والمائي، والتوجه نحو الاتحاد الجمركي، ومشروع ربط دول الخليج بشبكة اتصالات ومواصلات ونقل متقدمة بمختلف الوسائل كالجسور والقطارات لتحقيق التكامل التنموي الشامل، الذي يأتي على أولويات جدول أعمال هذه القمة بمواضيعها المعززة للتعاون والتلاحم فيما بين الدول الأعضاء.
وتحدث خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، عن مرور المنطقة بأمور غاية في التعقيد، تتطلب تكاتف دول مجلس التعاون الخليجي لمواجهتها.
وشدد على أن المنطقة تتطلب العمل سويا لترسيخ الأمن والاستقرار فيها، مشيرا إلى أن الجهود لا تزال مستمرة لإنهاء الصراع في اليمن، أما عن سوريا فضمان الاستقرار فيها يتمثل في حل سياسي.
وفي السياق ذاته، أكد أمير الكويت، صباح الأحمد الجابر الصباح، خلال كلمته، مساء الثلاثاء، أن أوضاع المنطقة تتطلب تنسيقا مشتركا لتحصين دول الخليج العربي، مشددا على ضرورة مضاعفة العمل الجماعي لمواجهة الإرهاب.
وأدان بشدة استهداف جماعة الحوثي وعلي عبدالله صالح لمكة المكرمة، مشيدا بجهود مبعوث الأمم المتحدة لدى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، نحو تحقيق السلام في البلاد.
وأشار إلى أن الكويت تؤيد حلا سياسيا يحقن دماء الشعب السوري ويحفظ وحدة أراضيه، مؤكدا تطلع دولة الكويت لتحصين والحفاظ على إنجازات القوات العراقية ضد تنظيم “داعش” الإرهابي.

سر غياب عمان
من جانبه، اعتذر السلطان العماني، قابوس بن سعيد، عبر رسالة خطية بعث بها إلى ملك البحرين، من حضور القمة موفدا مبعوثا بدلا منه. لكن لماذا؟، سؤال اختلفت فيه التكهنات فهناك من يقول إنها رسالة غضب من السلطنة تجاه السعودية بسبب تهميش الملك سلمان، لها خلال جولته الخليجية.
كما أن الملفات التي تهتم بها القمة تختلف عمان في رؤيتها لها عن باقي دول المجلس، فالتهديد الإيراني لا تراه عمان، بل بينهما علاقات جيدة.
وزار الرئيس الإيراني حسن روحاني، السلطنة في مارس 2014، في زيارة تعد الأولى له لدولة عربية منذ توليه مهام منصبه، كما زار سلطان عمان إيران في أغسطس 2013، في زيارة هي الأولى لزعيم عربي لطهران بعد تولي روحاني الرئاسة. كما ترفض سلطنة عمان بشدة فكرة الاتحاد الخليجي بينما تؤيد بقية دول الخليج هذا المقترح. وأعلنتها أكثر من مرة معتبرة أن “المجلس يكفي”، وليس هناك حاجة للاتحاد.
وقال وزير شؤون مجلس الشورى والنواب البحريني، غانم البوعينين، إن الاتحاد قد يتم من دون سلطنة عُمان، وعاد بعد 4 أيام من نشر التصريح نافيا إياه قائلا إن ما نشر “لم يكن دقيقا”.
كما يوجد تباين واضح بين سلطنة عمان وبقية دول الخليج فيما يتعلق بالأزمة اليمنية، فيشن التحالف العربي بمشاركة دول الخليج ما عدا عمان، عمليات عسكرية في اليمن ضد قوات الحوثيين.
وكذلك بالأزمة السورية، فهناك خلاف كبير بين عمان، وباقي دول الخليج وخاصة السعودية، في هذا الشأن، بينما تطلب دول الخليخ برحيل بشار الأسد، نجد موقف مغاير لعمان، وهو ما يؤكد عدم إغلاق السفارة العمانية في العاصمة دمشق، فضلا عن زيارة وزير الخارجية العماني، يوسف بن علوي، إلى سوريا في أكتوبر 2015.

قضايا على طاولة الاجتماع
ويُعد ملف الاتحاد، والتكامل الشامل، هو الملف الرئيسي على طاولة القمة، وخصوصا مع وجود محاولات لزرع الفتن والتدخلات في شؤون دول المجلس الداخلية، وخطر امتدادات التوترات الإقليمية إلى قلبها.
وسبق أن نادى الملك السعودي الراحل، عبدالله بن عبد العزيز، خلال القمة الخليجية الـ32 بتحويل مجلس التعاون الخليجي إلى اتحاد خليجي، وهذا قد يكون أحد أسباب جولة الملك السعودي الحالي الخليجية التي سبقت القمة.
وأكد خبير في دراسات الشرق الأوسط، سعيد شحاتة، أن الاتحاد بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية قائم لا محالة، مشيرا إلى أن قمة قادة دول مجلس التعاون الخليجي التي تستضيفها البحرين، ستكون خطوة في إقامة هذا الاتحاد من خلال تذليل بعض الصعوبات السياسية والاقتصادية.
وأضاف لوكالة الأنباء البحرينية، أنه طالما الفكرة والإرادة السياسية موجودتان لدى قادة دول الخليج العربي فستزال كل العوائق.
وتمتلئ طاولة النقاش بتحديات المنطقة، وخصوصا تصاعد حدة التهديدات تجاه دول الخليج، وخاصة بعد التدخلات الإيرانية في المنطقة وهو الملف الأبرز.
وتناقش القمة مسألة انضمام الأردن إلى دول مجلس التعاون الخليجي، وأكد وزير الخارجية القطري، خالد العطية، ضرورة نجاح الشراكات الاستراتيجية التي أقامها مجلس التعاون الخليجي مع المغرب والأردن، والحفاظ عليها؛ لتحقيق ما تتطلع إليه الشعوب العربية في المستقبل المزدهر.
ورد وزير الخارجية الأردني، ناصر جودة، بحرص بلاده على تعزيز التعاون، والعمل على تحقيق هدف الشراكة الاستراتيجية مع مجلس التعاون الخليجي.
ويعد الملف الاقتصادي ضمن الملفات المهمة، حيث شكل مجلس التعاون الخليجي منذ نشأته في العام 1981 واحدا من أكبر التكتلات الاقتصادية في العالم، حيث قدر حجم اقتصاد المجلس نهاية العام 2014 بنحو 1.7 تريليون دولار، متقدما بذلك على اقتصادات كثير من الدول الصناعية.
“حقوق الإنسان”.. ملف غير مطروح بالقمة وهو ما أغضب منظمة العفو الدولية، فقد قالت مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا للمنظمة رندا حبيب، إنه يتعرض المئات للمضايقات، أو الملاحقة غير المشروعة، أو سحب الجنسيات، أو الاحتجاز التعسفي، أو إصدار أحكام بالحبس أو الإعدام بحقهم، في بعض الحالات، عقب محاكمات جائرة.
وأضافت حبيب “يجب أن تتوقف مثل هذه الأساليب الوحشية فورا، كونها تُستخدم في الدوس على حقوق الإنسان في دول مجلس التعاون”.

تحديات أمام القمة
تأتي القمة وسط تحديات شائكة ومعقدة، منها ما يتعلق بملفات أسواق النفط، إضافة إلى ما تشهده منطقة الشرق الأوسط، وتأثر ذلك على دول الخليج. كما أن قانون “جاستا”، الذي أقره الكونغرس الأمريكي، وأصبح يهدد الاستثمارات الخليجية في أمريكا يتطلب موقف خليجي موحد وقوى ضد هذا القانون.
واعتبر عبداللطيف الزياني، الأمين العام لمجلس التعاون، أن المنطقة تواجه جملة من التحديات تتطلب تضامنا وتكاتفا شاملا وعملا دؤوبا يحقق التكامل والترابط والتضامن بين دول مجلس التعاون الخليجي في مختلف المجالات.
وأضاف أن دول المجلس تدرك كل التحديات الأمنية التي تواجهها، ولن تتردد في اتخاذ جميع الإجراءات التي تحفظ أمنها واستقرارها والدفاع عن سيادتها واستقلالها ومصالحها.
وأكد رفض دول مجلس التعاون التدخل الأجنبي في شؤون دول المنطقة، باعتباره يتعارض مع القوانين الدولية ويهدد أمن المنطقة واستقرارها، مضيفا أن المجتمع الدولي معني بوقف تدخلات الدول في شؤون الدول الأخرى، وأن الأمم المتحدة قادرة على القيام بهذا الدور.

مشاركة بريطانية
وتشارك رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، في فعاليات القمة، لتكون أول رئيسة وزراء وأول سياسية بريطانية تحضر قمة مجلس التعاون الخليجي.
وقالت هيئة الإذاعة البريطانية، إن تطوير التجارة في مرحلة ما بعد خروج بريطانيا من دول الاتحاد الأوروبي مع الدول الخليجية سيكون محور زيارة رئيسة الوزراء البريطانية للبحرين التي ستستمر يومين.
ونقلت الهيئة عن ماي قولها، إن البعض سيجادل بأن على بريطانيا أن لا توثق علاقاتها بالدول التي لديها سجلات مثيرة للجدل في مجال حقوق الإنسان.
وأضافت: “نحن لا نريد الالتزام بمبادئنا وقيمنا الإنسانية بإدارة ظهورنا إلى المشكلة”.
وأكدت ماي، أن هناك الكثير من الأشياء التي يمكننا القيام بها معا، سواء كنا نساعد بعضنا البعض لمنع حدوث الاعتداءات الإرهابية، أو كانت الاستثمارات الخليجية تضفي الكثير من التجديد على مدننا في بريطانيا أو كانت الشركات البريطانية تساعد الدول الخليجية على تحقيق إصلاحات اقتصادية على المدى الطويل.
وأشارت إلى أنها تأمل في أن تكون هذه الزيارة بداية لفصل جديد من العلاقات بين بريطانيا ودول الخليج.

القمة السابعة
وتعتبر القمة الخليجية الـ37 التي تعقد في عاصمة مملكة البحرين هي السابعة؛ بعد 6 قمم استضافتها المملكة منذ تأسيس مجلس التعاون الخليجي.
ومن أهم إنجازات القمم السابقة التي استضافتها البحرين ما تم الاتفاق عليه في أول قمة عقدت في المنامة (1982)، حيث اتفق المجلس على إنشاء مؤسسة الخليج للاستثمار برأسمال قدره 2.2 مليار دولار أمريكي وتحويل الهيئة العربية السعودية للمواصفات والمقاييس إلى هيئة خليجية تختص بالمواصفات والمقاييس في دول مجلس التعاون.
ووافق المجلس الأعلى لمجلس التعاون في قمة المنامة (1988) على السماح لمواطني دول المجلس، بتملك أسهم شركات المساهمة المشتركة والجديدة، العاملة في الأنشطة الاقتصادية، وفق القواعد المقترحة ومساواة مواطني دول المجلس في المعاملة الضريبية مع مواطني الدولة العضوة التي يتم فيها الاستثمار.
وناقش المجلس في قمة المنامة (1994) ظاهرة التطرف والغلو والعنف التي تؤدي إلى أعمال العنف والإرهاب، وأكد رفضه التام وإدانته لهذه الممارسات بكل أشكالها ودوافعها ومنطلقاتها.
أما في قمة المنامة (2000) فقد حث المجلس الأعلى اللجان الاقتصادية المختصة على سرعة الاتفاق على القواعد واللوائح والإجراءات اللازمة لإنشاء الاتحاد الجمركي بين الدول الأعضاء.
واعتمد المجلس الأعلى مثبتا مشتركا لعملات دول مجلس التعاون الخليجي كخطوة أولى لتحقيق الاتفاقية الاقتصادية الموحدة والعمل على توحيد العملة؛ لتكون متممة للتكامل الاقتصادي المنشود فيما بينها.
وفي قمة البحرين (2004)، طالب المجلس من الأمم المتحدة التعاون مع الحكومة العراقية المؤقتة لبذل الجهود اللازمة لوضع حل نهائي لإعادة الممتلكات الكويتية والأرشيف الوطني لدولة الكويت التي استولى عليها النظام العراقي السابق، خلال فترة احتلاله لدولة الكويت.
وصادق المجلس الأعلى في سادس قمة تعقد في المنامة في عام (2012) على قرارات مجلس الدفاع المشترك، وبارك إنشاء قيادة عسكرية موحدة تقوم بالتنسيق والتخطيط والقيادة للقوات البرية والبحرية والجوية المخصصة والإضافية.