الإنذار الاقتصادي الأخير للعالم العربي

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 940
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

بروجكت ساينديكيت – التقرير
مقال لـ”مروان المعشر”، وزير الخارجية الأردني السابق
إذا لم تبدأ دول الشرق الأوسط في إدخال إصلاحات سياسية واقتصادية جذرية فسنصبح أمام انهيار اقتصادي حادٍ، فالنظام الريعي الذي حافظت عليه تلك البلدان لعقود بدأ ينهار الآن، وعلى الساسة البدء في وضع عقد اجتماعي جديد، وهي عملية معقدة ولكنها ليست مستحيلة.
نظرة مبعدية
وننظر نحو العقد الاجتماعي القائم في الدول العربية، سنجد أن الحكومات عجزت عن توفير الخدمات الأساسية مثل الرعاية الصحية والتعليم، والقضاء على البطالة، أو الحفاظ على دعم الطعام والوقود، وتصر تلك الحكومات بشكل مثير للاستغراب على عدم إشراك مواطنيها في الحياة السياسية بشكل فعال.
ولعل ما دعم حفاظ الحكومات على اقتصاديات متداعية هي عائدات النفط، فقد استفادت الدول العربية خلال العقود الأخيرة من احتياطيات النفط والغاز الهائلة، واشترت تلك الحكومات ولاء مواطنيها بتلك العائدات، أما الدول غير النفطية، فكانت تعيش على المساعدات والتدفقات النقدية التي يرسلها مواطنوها من الخارج.
واستخدمت الدول النفطية عائدات النفط لتوفير الاحتياجات والخدمات الأساسية، وبهذا فقد غذت ثقافة التبعية، بدلًا من تشجيع الاستقلالية والابتكار لتوسيع القطاع الخاص، وبسبب عدم ارتفاع مستوى الضرائب في تلك الدول، تغاضى الناس عن دكتاتورية الحكم.
وانهارت أسعار النفط، يقول المعشر، وستظل الأسعار على هذا الحال لسنوات طويلة، فإن النظام الريعي القائم حاليًا في دول الشرق الأوسط يواجه تحديًا صعبًا، على سبيل المثال، قامت السعودية بزيادة الضرائب، وحولت نظام المساعدات الممنوحة إلى دول مثل مصر والأردن إلى استثمارات في البنية التحتية في تلك البلدان، على أن تقوم تلك البلدان بدعم نمو القطاع الخاص لدعم الأداء الاقتصادي.
ولكن، وبعد أن عجزت الحكومات العربية عن توظيف المزيد من الناس، وارتفع الدين العام وتوقفت المساعدات، فإن النخبة الحاكمة المستفيدة من النظام القائم تقاوم بشدة محاولات إدخال إصلاحات جذرية، إن هذه النخبة تفتقر إلى أي رؤية لتحقيق الانتقال اللازم نحو نموذج اقتصادي مزدهر.
ومع ذلك، فبعد اعتمادها على المصادر غير الدائمة لعقود، لا بد أن تتحول تلك الحكومات نحو الديمقراطية وتطبيق سياسات اقتصادية جديدة، وعندما تلجأ الحكومات إلى اتباع سياسات تقشفية، سيطلب الناس مشاركة أكبر في عملية صنع القرار.
وتقع الدول العربية عالقة بين حالة سياسية واقتصادية متردية راهنة، وبين النظام الاقتصادي الشامل القائم على التوزيع العادل للثروة الذي يتحتم التحول إليه، لكن معظم البلدان العربية لم تأخذ الأمر على محمل الجدية.
وكانت الثورات العربية التي اشتعلت في أواخر العام 2010 إيذانًا بانتهاء صلاحية العقود الاجتماعية القديمة، ومن المتوقع أن تنفجر موجات احتجاجية جديدة في البلدان العربية إثر استمرار التردي في الوضع الاقتصادي، لا سيما أن الحكومات لم تدرك بعد أن سقوط الأنظمة الريعية القائمة يعني نهاية العقد الاجتماعي القائم.

في النهاية
باتت الإصلاحات الاقتصادية الجذرية أمرًا حيويًا للبقاء، ويقول المعشر، سيتعين على الحكومات خصخصة العديد من الشركات المملوكة للدولة وتسهيل إجراءات إنشاء الشركات على رواد الأعمال، والأهم من كل ذلك، هو توسيع قاعدة المشاركة السياسية في البلدان العربية.
كان لتونس قدم السبق في وضع عقد اجتماعي جديد. وبات أمام بقية البلدان العربية أحد بديلين، فإما أن تكافح حكوماتها الوضع المتردي القائم، بكل ما ينطوي عليه ذلك من معاناة وشك، أو بإمكانهم الفناء باستمرار الوضع القائم.