قطع البترول السعودي عن مصر تحول «مزلزل» للسياسة في الشرق الأوسط

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1768
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

ترجمة وتحرير شادي خليفة - الخليج الجديد
في حين تستعر الحرب بالوكالة في الشرق الأوسط، كانت الرادار مسلطًا بتركيز كبير ومريب على واحدة من الدول التي تأثرت بالسياسة الخارجية لـ«هيلاري كلينتون»، وهي مصر.
في منتصف أكتوبر/ تشرين الأول، أجرت مصر وروسيا للمرة الأولى تدريبات عسكرية مشتركة. وتبع ذلك أخبار بأن روسيا ستبيع مصر مروحيات هجومية وستستثمر مليارات الدولارات في البنية التحتية المصرية. هذا إلى جانب رغبة مصر في عودة السياحة الروسية بعد فساد العلاقة لوقت طويل بين البلدين، الأمر الذي يؤدي إلى استنتاج منطقي أنّ مصر لديها كل الحافز لتمضي قدمًا في تعاونها مع روسيا.
وهذا يعني أنّه حين يصل الأسطول الروسي ليقف في البحر المتوسط، سواء لقصف حلب كما يعتقد البعض، أو لإبراز القوة أمام العالم، سيكون محاطًا بثلاثة أصدقاء، تركيا في الشمال، وسوريا في الشرق، ومصر في الجنوب.
ويظهر على الرغم من ذلك، أنّ المحور المصري الهادئ لم يكن غائبًا عن الولايات المتحدة وحلفائها في الشرق الأوسط. وأعلنت السعودية يوم الإثنين، توقف شحنات حيوية كان من المفترض وصولها إلى مصر، في إطار اتفاقية مساعدات تبلغ قيمتها 23 مليار دولار، إلى أجل غير مسمى، ووفقًا لرويترز، يوجد الآن خلاف عميق بين أغنى دولة في العالم العربي وأكثر دول العالم العربي سكانًا.
وتشير الرواية الرسمية أنّ السعودية هي أكبر المتبرعين لمصر منذ استيلاء الرئيس «عبد الفتاح السيسي» على السلطة في انقلاب عسكري عنيف منتصف عام 2013، وأصبحت الرياض مستاءة فيما بعد بسبب عدم قدرة «السيسي» على إنجاز إصلاحات اقتصادية بالإضافة لرفضه المساعدة في الصراع اليمني. وخلال زيارة للملك «سلمان» في أبريل/ نيسان، وافقت السعودية على تزويد مصر بـ 700 ألف طن من مشتقات المواد البترولية شهريًا لمدة 5 سنوات، لكنّ الشحنات توقفت عن الوصول لمصر في بداية أكتوبر/ تشرين الأول، بعد أن ظهرت بعض التوترات على السطح.
والمثير في الأمر أنّ الاتفاقية قد انهارت بعد أسابيع فقط من التحسن المفاجئ في العلاقات بين القاهرة وموسكو.
وادّعى المسؤولون في مصر أنّ التعاقد مع شركة أرامكو المملوكة للدولة السعودية لا زال قائمًا وأنّهم يتوقعون تدفق النفط من جديد في أقرب وقت. ورغم ذلك، يوم الإثنين الماضي، أكّد وزير البترول المصري «طارق الملا» أنّ الشحنات قد توقفت إلى أجل غير مسمى. ولم تعلق أرامكو على ذلك ولم ترد على اتصالاتنا يوم الإثنين.
وصرّح مسؤول بوزارة البترول المصرية لـ«رويترز» بما يلي: «لم يوضحوا السبب. لقد أبلغوا السلطات فقط بتوقف الشحنات حتى إشعار آخر».
إذًا، فالسعودية تدير ظهرها لمصر، فما الخيارات المتبقية لديها؟ حسنًا، واحد منها، «عدو عدوي صديقي»، وقد تأكد أنّ وزير البترول «الملا» بدأ التواصل مع إيران، عدو السعودية السياسي اللدود، للحصول على اتفاقيات نفط جديدة، في تلميح لاحتمال أن تصبح مصر آخر المنضمين لمحور الشرق الأوسط الذي يشمل إيران وسوريا وروسيا، وربما تركيا.
وكانت العلاقة الدبلوماسية بين مصر وإيران قد توترت منذ عام 1970، وهذا سبب ما جاء في تصريح رويترز بأنّ «زيارة مسؤول مصري لإيران من شأنه أن يفاقم الشرخ الحاصل في تحالفها مع السعودية ويدشن لتحول مزلزل في النظام السياسي الإقليمي».
بالطبع، لا يمكن أن يحدث مثل هذا التحول الجذري في توازن قوى المنطقة بين عشية وضحاها، ومن المحتمل أنّ هذا هو سبب نفي الملا للصحفيين في أبوظبي نيته الذهاب إلى إيران. وصرّح مسؤول بوزارة النفط الإيرانية لاحقًا بأنّ الأنباء عن زيارة الملا «غير صحيحة». وصرّح أيضًا رئيس الوزراء المصري «شريف إسماعيل» أنّ الملا لم يكن ذاهبًا إلى إيران وأنّ مصر لم تكن تتفاوض مع طهران حول شراء منتجات بترولية، وفق ما جاء بجريدة الأهرام.
ومع ذلك، لم يكن هذا سوى مجرد تحسين للصورة، فوفقًا لرويترز، قال اثنان من المصادر الأمنية ومصدر من وفد «الملا» أنّ الوزير كان قد تمّ تجهيز موعد له للذهاب، لكنّ الزيارة تأجلت بعدما خرجت أنباؤها على الملأ.
وكانت دول الخليج العربي بقيادة السعودية قد ضخت مليارات الدولارات في اقتصاد مصر المتعثر منذ استيلاء الجنرال «عبد الفتاح السيسي» على السلطة بعد حكم لعام واحد للإخوان المسلمين شهد انقسامًا شعبيًا. ولكن مع تضاؤل خطر تهديد الإخوان، تصاعدت خيبة الأمل من حكام الخليج بعد فشل «السيسي» في إصلاح الاقتصاد الذي أصبح ثقبًا أسود يبتلع أية مساعدات، وبعدما أبدى عدم رغبته في دعمهم على الصعيد الإقليمي.
في الوقت نفسه، بدأ وجه الدبلوماسية الزائف في الخفوت ببطئ، وبدأت التوترات بين الحليفين السابقين تتفاقم بعد أن رفضت مصر تقديم الدعم العسكري في حرب الرياض ضد الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن.
وفي سوريا، حيث تقود السعودية دعمًا لقوات المعارضة الثائرة ضد نظام «بشار الأسد» المدعوم من إيران، دعم السيسي قرار روسيا في قصفها لسوريا دعمًا للرئيس.
وكانت اتفاقية تسليم جزيرتين بالبحر الأحمر من مصر للسعودية قد وقعت في نفس توقيت اتفاقية المساعدات النفطية، لكنّها واجهت تحديات قانونية، وتقف متعثرة الآن داخل المحاكم المصرية.
ومع قرب وصول الأسطول الروسي ليقف قبالة سوريا خلال أيام قلائل، نراقب عن كثب ما هي خطوة مصر القادمة.
المصدر | أويل برايس