تأزم الوضع بالمنطقة يعود بملف “التجنيد الإلزامي” لواجهة النقاش في السعودية

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1977
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

فور برس – التقرير
النقاش حول التجنيد الإجباري بالمملكة العربية السعودية، عاد مرة أخرى لدائرة النقاش على مواقع التواصل الاجتماعي؛ خاصة بعد تأزم الوضع في اليمن، وعدم وجود خطة واضحة وميعاد مُحدد لانتهاء المعركة هناك، فضلًا عن التوتر الذي تشهده المنطقة العربية بأكملها.
وعلى عكس دول خليجية مجاورة، فإن السعودية – الأكبر مساحة والأكثر سكانًا وثروة – لا يوجد فيها تجنيد إجباري حتى الآن، رغم خوض الجيش السعودي لعدد من الحروب منذ تأسيس المملكة قبل نحو 80 عامًا، ولا يزال آخرها مستمرًا منذ أكثر من عام ونصف العام في اليمن.
وتقول تقارير متخصصة، إن المملكة التي يبدو أنها بحاجة لفرض التجنيد الإلزامي لتعزيز القوة العسكرية لبلد واسع النفوذ في المنطقة، قد لا تتخذ تلك الخطوة المكلفة اقتصاديًا في ظل تراجع عائدات النفط في الفترة الحالية.
ووفقًا لآخر تقييم نشرته “غلوبال فاير باور” في 2015، وهي مؤسسة بحثية أمريكية متخصصة، يعتبر الجيش السعودي الثالث عربيًا بعد مصر والجزائر، ويحل بالمرتبة 28 ضمن قائمة تضم 126 دولة، حيث يبلغ تعداده 233 ألفًا وخمسمائة جندي، كما يقدر تعداد قوات الاحتياط العاملة بنحو 25 ألف شخص، إضافة إلى مائة ألف عنصر بالحرس الوطني.

نقاشات واسعة
منذ ما يقرب من عام، يشهد “تويتر” – على فترات متباعدة – نقاشًا حادًا بين المغردين حول التجنيد الإجباري؛ ففريق مؤيد يرى ضرورة فرضه في المملكة القابعة في محيط إقليمي ملتهب وعالم يشهد تغيرات جذرية وتحالفات جديدة، فيما يرى فريق آخر معارض أنه لا جدوى من التجنيد بالطرق التقليدية في حروب اليوم، التي تعتمد على أسلوب حرب العصابات والكر والفر والتسلل، مستشهدًا بتجارب دول تطبق التجنيد الإجباري فشلت جيوشها في تحقيق انتصارات.
لكن مؤيدو فرض التجنيد الإجباري في السعودية، يرون فيه ضرورة ملحة لتعزيز الوحدة الوطنية في البلاد، وإنشاء جيل جديد من السعوديين قادر على تحمل الصعاب والتأقلم مع الظروف القاسية التي لم يعهدها السعوديون في سنوات الطفرة النفطية السابقة، التي وفرت لهم مستوى عاليًا من الرفاهية.

دعوة المفتي العام
في 11 أبريل 2015، دعا المفتي العام في المملكة العربية السعودية الشيخ عبد العزيز بن عبدالله آل الشيخ، إلى التجنيد الإلزامي للشباب، وذلك ليكونوا درعًا للدفاع عن الدين والوطن، حسب تعبيره.
وقال آل الشيخ – وهو رئيس هيئة كبار العلماء في السعودية – خلال خطبة الجمعة التي ألقاها في جامع الإمام تركي بن عبدالله وسط العاصمة الرياض: “لابد أن نهتم بشبابنا ونهيئهم، والتجنيد الإجباري – إذا وُفقت الأمة له – سيساهم في إعداد الشباب لأداء المهام”.
وأردف قائلاً إن هذه الخطوة مهمة للشباب في دينهم ولحماية أوطانهم، وتابع: “نعيش في نعمة الأمن وهي نعمة يحسدنا عليها الآخرون، ومن باب شكر النعمة أن يكون شبابنا في حالة استعداد دائم للدفاع عن الدين والوطن، من خلال تدريبهم عبر التجنيد الإلزامي”.
وحذّر المفتي من الأعداء الذين يُريدون إفساد الدين والأخلاق والاقتصاد وتدمير الوحدة، معتبرًا أن المواجهة تكون بإعداد الشباب عسكريًا وفكريًا وتعليميًا، مشيرًا إلى قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انفِرُوا جَمِيعًا}.
واعتبر مفتي السعودية أن حماية البلاد تتطلب استعدادًا دائمًا ومتواصلاً في إعداد القوة وتدريب الأبناء، وقال إن الاستعداد عند الأزمات يفيد وقتيًا، وأنه لابد من استعداد دائم وتدريب على كل المهمات.

تباين الآراء
نقلت تقارير عن عضو مجلس الشورى عبدالعزيز العطيشان، تقديمه مجموعة أفكار تتصل بما يجب أن يكون عليه التجنيد، فيما لو أقر العمل به، وقال إن مداخلته في المجلس ركزت على التجنيد الاختياري وليس الإجباري، في الوقت الذي يعتقد فيه أن التجنيد لن يكون مفيدًا إلا إذا أخذ المتدرب الملتحق بالخدمة العسكرية الوقت الكافي لإتقان فنون الحروب الحديثة، وكيفية التعامل مع القطع العسكرية بالشكل المطلوب.
ويرى “العطيشان” أن مدة الخدمة العسكرية للملتحقين بالتجنيد يجب ألا تقل عن سنة وألا تزيد على سنتين، لإجادة المتدربين لاستخدام المعدات الحربية، وقال إن من ضمن المقترحات أن يتم صرف مكافأة مالية للمتدرب طيلة فترة التحاقه بالخدمة العسكرية.
وكان رئيس لجنة الشؤون الأمنية في مجلس الشورى الدكتور سعود السبيعي، قال بعد دعوة المفتي العام للسعودية، إن “المملكة ليست بحاجة إلى التجنيد الإجباري”، وذلك رغم أن “المجلس” شهد من قبل عدد من أعضائه عدة دعوات سابق تدعو إلى التجنيد الإجباري.
ولم يمضِِ أسبوعين على تصريحات “السبيعي”، حتى تراجع عن موقفه، وقال لصحيفة محلية بارزة إن رفضه لنظام التجنيد الإجباري يعد رأيًا شخصيًا ولا يعبر عن رأي مجلس الشورى، كما أنه لم يأتِ معارضًا لرأي مفتي عام المملكة.
وبرر “السبيعي” رفضه للتجنيد الإلزامي بقوله إن عدم تأييده لتطبيق التجنيد الإجباري عائد إلى التجربة السابقة التي خاضتها السعودية في حرب الخليج، حينما هب ألوف المواطنين للاستجابة لدعوة فتح باب التطوع في الأزمة بذلك الوقت، وقال أيضًا “لو تعرضت المملكة – لا سمح الله – لأي خطر ستجد جميع أبنائها، بشبابهم وكبارهم، يتقدمون للدفاع عن الدين والبلد”.