التقشف يغمر السعودية

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1191
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

التقشف الذي ضرب بأطنابه السعودية أخيراً غير مفاجئ أبداً، ولم يتفاجئ به أحداً إلا الغافلين والغافين في أروقة البلاط الملكي، لأنه من البداية كان هناك غياب تام للتخطيط والدراسات الإستراتيجية والنظرات الثاقبة للمستقبل، وغياب تام للكفاءات وعقول التكنوقراط، وهذا ليس بعجيب من نظام قد تشابه أذكياءه بأغبيائه واعتبروا الغباء موهبة ربانية قد مُنْ عليهم بها، وهو أيضاً قطف لثمار سياسات متهورة فاشلة إلى ابعد ما يكون في العصر الحديث، وكما إفادة عنه تقارير اقتصادية سابقاً وتحدثت حول تدهور الأوضاع المالية في البلاد، وغدت تتحدث هذه التقارير عن بدأ عد تنازلي لثرائها الفاحش، حيث تحققت تنبؤات مظلمة متشائمة في ظل سياسات سلمان التراجيدية الذي أقحم نفسه وعائلته في مآزقٍ عدة، ومغامرات باهظة الثمن وقاصمة للظهر، وحول إدارة البلاد إلى إدارة سيرك تتعالى فيه الضوضاء والتهريج، وتجول بين جدرانه القردة، وتنهش بخيراته الضباع، وحول أراضي الدول المجاورة وأراضيه الجنوبية إلى مختبرات يجري عليها تجارب ثانوية لأسلحته المستوردة حديثا من بعد تجربتها في دولتها الأم وكذلك يفحص عليها أسحلته القديمة والمكدسة في المخازن. 

لقد أضطر مجلس الوزراء السعودي أخيرا وكخطوة أولية بفرض نظام تقشفي مجحف وقام بإلغاء جميع الامتيازات الأمراء، وقد يعيد النظر في الرواتب الأغنياء منهم. كما شدد على تفادي فضائحهم في الخارج لأن الرياض ليست مستعدة للدفاع عنهم؟! وخفض رواتب الوزراء ومن في مرتبتهم بنسبة 20%، وكما خفض مكافآت أعضاء مجلس الشورى بنسبة 15%، وكذلك خفض رواتب ومزايا موظفي القطاع العام، وقرر إلغاء العلاوات والبدلات والمكافآت، وهذا التخفيض لن يتوقف على  الوزراء وأعضاء مجلس الشورى والموظفين على أوضاعهم فحسب، بل سينتقل انتقال سريع إلى الأسواق والطبقات الفقيرة.

ومن بين مجموعة القرارات التي اتخذها مجلس الوزراء، هو الاعتماد على التقويم الميلادي بدلاً من التقويم الهجري وسيخسر كل موظف، بعد تطبيق هذا القرار ما يقارب أجر نصف شهر من راتبه السنوي، إذ تنقص السنة الهجرية بنحو 15 يوماً عن الميلادية.

لم تكن إجراءات التقشف المعلنة هذه تزامناً مع دخول تراجع أسعار النفط عامه الثالث على التوالي، بل سبقها إعلان السعودية خفضاً في موازنة العام الجاري إلى 224 مليار دولار، مقارنة مع 229 ملياراً في 2015، تبعها مطلع العام الجاري رفع أسعار المحروقات بأنواعها وإلغاء الدعم للسلع الأساسية والخدمية كالماء والكهرباء وفرض ضرائب مباشرة أو غير مباشرة، ورفع أسعار الرسوم والغرامات وتأشيرات الدخول، وأبرزها ضريبة القيمة الإضافية، فضلا عن طرد الآلاف الموظفين من وظائفهم.

إن السعودية ستحتاج إلى سنين متتالية لكي تستعيد عافيتها من هذه الصدمة، ولكن يبدو إن هذا التقشف ستطول أيامه وستسود لياليه، واحتمالات الوصول إلى حل وسط تبدو بعيدة. مع دخول البلاد مرجوحة السياسة، وأصبحت تتقلب من نقيض إلى نقيض حتى دخلت مرحلة شديدة السواد.

إن هفوات السعودية في المنطقة كحرب اليمن التي اقتربت من إكمال عامها الثاني. وتدخلاتها في كلا من سوريا وليبيا والبحرين والعراق وأفغانستان والصومال ونيجيريا والفلبين، وأنها لم تعلن إلى حد الآن عن حجم النفقات التي كلفتها عواصفها العبثية وعنترياتها الغوغائية وخسائرها المتتالية التي تكبدتها في هذه البلدان.

تحوط السعودية نفسها بحلفاء ولكن فاشلون في كل المقاييس، ويعتاشون على مساعداتها فقط، أمثال مصر والأردن والمغرب والسودان وباكستان والبحرين والصومال والسنغال وجزر القمر والجزر المالديف وحكومة عبد ربه منصور هادي ومحمود عباس وخالد مشعل وسعد الحريري ورياض حجاب، حتى أصبحت المملكة بينهم كالعاهرة الحنونة التي تنفق أموال أهلها على عشاقها بدون شعور، وعلاوة على هذا الكثير من الذمم النكرة التي تتغذى على الريال السعودي، ولهذه احتلت المملكة المرتبة الثالثة عالمياً خلال العقود الأربعة الماضية من حيث التمويل والتحويلات المالية المقدمة لهم وللزمر الإرهابية التي كانت تنقب عنها في كل جحر وحفر وتبني لهم مدارس ومعابد ومعسكرات في أصقاع القارات الست. ناهيك عن سفرات الملك والقطط الكبار من بقية الأمراء الذين يصطحبون معهم جيوشا جرارة من السماسرة والمقربين ولا تقل تكلفتها عن عشرات المليارات من الدولارات، وكل سفرة من سفراتهم تعادل ميزانية رواتب آلاف الموظفين طيلة عام كامل، وكذلك مخلفات عبد العزيز الذين هم أسس البلاء ومنجم الشؤم وقد تعدى عددهم 7000 أمير + أميرة وكلهم متفق على قرصنة قوت الشعب ودواءه؟ وهذا كله آتي في ذروة الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد وبحد ذاته يعتبر أعباءً على خزينتها.

فأي سنين عجاف وأحداث نساف تنتظر السعودية وقرار التقشف هذا ليس إلا ناقوس للخطر وليس مجرد قرار طارئ وينبئنا بأن هنالك حدث قادم سوف يحدث في شبه الجزيرة العربية، ناهيك عن الهزات الارتدادية لحادثة الحادي عشر من سبتمبر التي سترد بكل قوتها وسوف تتعدى قوتها درجات مقياس ريختر وستكون كجلاد يطارد آل سعود ويحلبهم حلبة الشاة إذا لم يقوم بذبحهم وببعثرة أشلائهم، فالجميع يعرف أمريكا جيدا بأنها جبار عنيد لم يرحم حتى الذين مكنوه من أنفسهم ومن أعراضهم.

مع تحيات رئيس مركز الحرمين للإعلام الإسلامي