لعبة جيوسياسية بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية والفائز بها “بوتين”

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 520
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

لينكيستا – التقرير
تُصنف السعودية كثيرا على أنها عدو روسيا، لكنها تمثل أيضا لاعبا أساسيا على الساحة السياسية في الشرق الأوسط، ما جعل الغرب في حالة ارتباك متواصل، لكن بوتين كان قادرًا على استغلال الثغور التي تخلفها، بهدف تحقيق نصره.
شهدت استراتيجية الغرب في الشرق الأوسط فجوة أثرت في مسار تنفيذها على أرض الواقع، وتوسعت على مدار الخمس عشرة سنة، لتزيد من حجم المشاكل والأزمات.. تربط الولايات المتحدة، ومعها أوروبا وفرنسا والمملكة المتحدة، بالمملكة العربية السعودية، التي تعتبر نفسها مهيمنة على العالم الإسلامي، علاقة تعتبرها الأطراف المتداخلة في السياسة العالمية حساسة، وذلك نظرًا للسياسة التي تتعامل بها المملكة السعودية مع الإسلام والمسلمين والجماعات الإرهابية.
لكن مع ذلك، عمد الغرب إلى مساعدة المملكة العربية السعودية على توسيع سياستها وضمان انتشارها، بهدف الانتقام من إيران والمذهب الشيعي الذي تتبناه، ولضرب الايدولوجية التي يعتمدها الإخوان، الذين يعتبرهم الغرب عدوًا مباشرًا له، ويرى أنهم مسؤولون عن الحركات الإرهابية الإسلامية، التي أدمت العالم منذ ما يربو عن عقدين، خصوصا تنظيمي القاعدة والدولة.
تحاول روسيا استغلال الفجوة التي أنتجتها اللعبة التي تخوضها الولايات المتحدة ضد المملكة العربية السعودية، بعد ظهور هذه التنظيمات الإرهابية، إضافة إلى ذلك، تسعى روسيا إلى اعتماد موقف دفاعي يعيد إليها نفوذها السياسي، بعد مرور عشرين سنة على انهيار الاتحاد السوفيتي، ويساعدها على تعزيز المكانة الجيوسياسية التي تحتلها، خصوصا في الشرق الأوسط، وتعتمد في ذلك على الأحداث السلبية التي عاشها الغرب، جراء الكوارث التي تسبب بها بوش، والارتباك الذي لحقه من ردة فعل أوباما تجاه الربيع العربي.
تسعى روسيا إلى مهاجمة التناقضات الاستراتيجية، التي أنتجتها الدول الغربية في محاولاتها للتدخل في الشؤون التي تخص الشرق الأوسط، خصوصا الركن الخاص بالشأن السعودي، بعد أن تمكنت من فرض سيطرتها في الأزمة السورية على الصعيد العسكري والدبلوماسي، ونجحت مؤخرًا في ضرب النفوذ الأمريكي في المنطقة، وتدمير علاقته بمصر بهدف التقرب، وتسليط الضوء على الشأن الليبي، واستفادت من الانقلاب الذي عاشته تركيا ومن عودة العلاقات معها، على الرغم من التوتر المخيم على علاقتها بالدول الغربية.
ركزت روسيا في فترة معينة على الشأن النووي، وعملت على تفعيل الاتفاق مع إيران، كما هدفت إلى تعزيز علاقتها مع إسرائيل. واستضافت دولة الشيشان، التي تعتبر عاصمة القمر الصناعي لروسيا، في أواخر شهر أغسطس، مؤتمرًا سعى إلى تعريف أهل السنة، شاركت فيه نخبة من كبار الأئمة، بما في ذلك شيخ الأزهر، الشيخ أحمد الطيب، وخرج المشاركون من هذا المؤتمر بتعريف لأهل السنة، الذين ينتسبون إلى أبي موسى الأشعري ، وأتباع المذاهب الفقهية الأربعة، لكنها لم تذكر المذهب السلفي.
أثار هذا الاستثناء غضب السعوديين، واتهموا منظمي هذا المؤتمر، خصوصا المصريين، بمحاولة إثارة الانقسامات الدينية.. لم يرق للحكومة المصرية هذا الاتهام، لأن ذلك يساهم في تدهور العلاقات التي تجمعها مع المملكة السعودية.
أشار أئمة جامعة الأزهر إلى أن السلفيين كانوا مدرجين ضمن أهل السنة، وأن النتائج التي قدموا بها لا تعكس وجهة نظرهم في المسألة. كان تأثير هذا المؤتمر كبيرًا جدًا على السعوديين، لكن مصر لم ترد المجازفة بعلاقتها الدبلوماسية التي تربطها بالمملكة العربية السعودية، وحاولت تجنب هده الثغرات التي لم تقتصر على الدين فقط، لكن من الممكن أن تحول إلى جيوسياسية.
يعتقد بعض الخبراء أن لروسيا دورًا كبيرًا في خلق هذا التوتر بطريقة غير مباشرة، وأنها ستواصل في هذا النوع من المحاولات لكي تزيد من المشاحنات والموجهات بين حليفتها مصر وحليف الولايات المتحدة الأمريكية، السعودية.. وتهدف روسيا إلى ضرب هذه المفاهيم ودفع المجتمعات السنية إلى إقصاء المجموعات السلفية المتشددة، بما في ذلك السعوديين، فيما يرى الغرب أن هذه الخطوة من شأنها أن تسبب مشكلة عظمى، ذلك لأن عزل السلفيين المتشددين يعني، في جانب كبير منه، عزل السعوديين، وهذا بالتأكيد سيكون في صالح روسيا.
إضافة إلى ذلك، ستساهم هذه الخطوة في جعل المصالح الغربية أكثر تعقيدًا، فقد ناقشت بعض الدول الأوروبية في وقت سابق إمكانية حظر التمويل الأجنبي لبناء المساجد، لكنها رأت في دعم الولايات المتحدة للمملكة العربية السعودية بالأسلحة، إفادة لها على المدى البعيد، وازدادت اللعبة بين المملكة العربية السعودية وروسيا والولايات المتحدة تعقيدُا وتشابكًا على مدى الست سنوات الماضية، وزادتها تلاعب روسيا وتركيزها على الجانب الاديولوجي والجيوسياسي في تصويباتها إثارة.
المصدر