الجنرال عميدرور: تطوير العلاقات الإسرائيليّة مع الدول العربيّة الـ”سُنيّة مُعتدلة” فرصة تاريخيّة لتل أبيب لتُدافع عن هذه الدول عوضًا عن أمريكا التي بدأت تنسحب من المنطقة

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1493
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

الناصرة – “رأي اليوم”- من زهير أندراوس:رأى مستشار الأمن القوميّ الإسرائيليّ السابق، الجنرال بالاحتياط، يعقوب عميدرور، أنّ دولًا عديدة في العالم تتساءل بإعجاب وتنظر بتقدير إلى العلاقات الآخذة بالتطور بين دولة إسرائيل وبين الدول السنية الأكثر أهمية في المنطقة، إلى شبكة العلاقات العلنية بين إسرائيل وبين مصر والأردن اللتين توجد لإسرائيل علاقات دبلوماسية كاملة معهما، وأيضًا العلاقات غير الرسمية بين إسرائيل والسعودية والإمارات الخليجية. وأضاف: يبدو أنّ هناك ثلاثة دوافع لهذا التغير: الأول: تخوّف دول سنية من تعاظم قوة إيران، التي تقود الكتلة الشيعية في المنطقة وتهدد سلامة الدول السنية وأمنها.
وهذا نزاع ديني قديم بين الأقلية الشيعية والأغلبية السنية، أقلية تستفيد من وجود زعامة واحدة لها مستعدة لتوظيف كل ما هو مطلوب من أجل تغيير وضع الشيعة في الشرق الأوسط من جذوره.
والدافع الثاني هو مخاوف الدول السنية كلها من تهديد الأفكار السلفية المتشددة التي يعتنقها تنظيم داعش. لكن التنظيم ينشط أيضًا في سيناء وليبيا، ولديه حتى فروع في أفريقيا وأوروبا، كما تدل على ذلك عمليات الإرهاب المتكررة. من هنا فإن اسم “الدولة الإسلامية” يلاءم الواقع أكثر. ولفت إلى أنّه حتى لو نجح الائتلاف الذي يُحارب التنظيم في تقليص المناطق الخاضعة لسيطرته في العراق وسورية، وعلى الرغم أنه حاليًا يلاقي صعوبة في المحافظة على زخمه بعد سلسة نجاحات مهمة، فإنّ الفكرة التي يشيعها التنظيم تهدد كثيرًا الدول السنية، على حدّ تعبير عميدرور.
وبحسبه، الدافع الثالث ينبع من الإحساس بأنّ الولايات المتحدة تخلّت عن أصدقائها في المنطقة في الوقت الصعب، وأنّها تنوي أن تقلص كثيرًا تدخلها في المنطقة. وبحسبه، تستند هذه المخاوف في مصر إلى التخلي عن مبارك، وما اعتبر بأنّه دعم من الولايات المتحدة للإخوان المسلمين. أمّا في السعودية ودول الخليج فالإحباط نابع من اعتبارهم الاتفاق النوويّ مع إيران بمثابة خضوع أمريكي، وقد خاب أمل هذه الدول من موقف الولايات المتحدة حيال مبارك من جهة، وحيال الأسد الذي يواصل قتل السنة من جهة أخرى، ولأنّ هذه الدول أدركت بأن الولايات المتحدة لا تقف إلى جانبهم في صراعهم ضدّ إيران وتتوقع منهم التنازل عن جزء مهم من مطالبهم. وأشار إلى أنّه من الواضح للدول السنية، التي رأت في الولايات المتحدة دولة عظمى، ورأت في وجودها في المنطقة عامل كبح لأي قوة يمكن أن تهددهم، بأنّ الوضع قد تغير، مع أن الولايات المتحدة تبقى دولة عظمى، إلاّ إنها فقدت الرغبة في استخدام قوتها في الشرق الأوسط. وأبعد من ذلك، حتى عندما تتدخل، مثلاً، وتقود الائتلاف ضد تنظيم الدولة الإسلامية، فإنها تفعل ذلك بتأن وحذر كبيرين، وتتنازل على الأرض في مواجهة أعدائها، كما ظهر من خلال ردة فعلها الهزيلة حيال زيادة التدخل الروسي في سورية. وبرأيه، تبحث هذه الدول السنية عن طرف يستطيع أنْ يقدم لها المساعدة في هذا الوقت. وإسرائيل هي الدولة الوحيدة المستقرة في المنطقة كلها والتي لا ترتفع فوقها علامة استفهام.
وأضاف في المقال الذي نقلته للعربيّة مؤسسة الدراسات الفلسطينيّة، التي تتخذ من بيروت مقرًا لها، أضاف أنّ إسرائيل هي دولة قوية عسكريًا واقتصاديًا، ولديها قدرة واستعداد للدفاع عن مصالحها الحيوية، وهذا هو الأساس لشبكة العلاقات الجديدة الآخذة في التطور بين إسرائيل وبين هذه الدول السنية، التي هي دول تقليدية تحافظ على الوضع القائم وموجودة في منطقة لا تتوقف عن التغير، وتبحث عن مرساة من أجل تحقيق الاستقرار، وإسرائيل هي هذه المرساة، وهذا زواج مصلحة وليس علاقة حب لكن له أهمية كبيرة ومضطردة، على حدّ وصفه.
وساق قائلاً إنّه من أجل التوصل إلى تقدم حقيقي في العلاقات يجب أنْ نتعاون، مثلما قال لي أمير سعودي جمعتنا منصة مشتركة في واشنطن. لكن تعاونًا جديًا علنيًا من دون حدود ممكن فقط إذا جرى توقيع اتفاق بين إسرائيل والفلسطينيين، ليس لأنّ الموضوع مهم بالنسبة لزعماء هذه الدول، بل لأنّه من دونه لن يسمح لهم الشارع العربيّ بالتقدم علنًا في شبكة العلاقات مع إسرائيل. إنما بالنسبة للفلسطينيين الدفع قدمًا باتفاق ومن بعده بشبكة العلاقات مع إسرائيل ليس ملحًّا، بل العكس، وإدراك الفلسطينيين بأنّهم المفتاح من أجل تحسن هذه العلاقات يزيد من أهميتهم ومن سعرهم.
وبرأي الجنرال الإسرائيليّ، فإنّ السبيل الوحيد للتغلب على هذه الصعوبات هو تغيير ترتيب المراحل: يجب بناء منظومة علاقات تشكل مظلة مشتركة من أجل تحرك تقوم به الدول السنية وإسرائيل، ومن ثم يمكن ضم الفلسطينيين إليه من أجل البدء بالمفاوضات.
وخلافًا للماضي، شدّدّ، فإنّ تحسين العلاقات في هذا الوقت لا يقل في نظر الدول العربية أهمية عنه بالنسبة لإسرائيل، لكن العقبة الفلسطينية تعيقهم عن ذلك، وليس واضحًا ما إذا كانت هذه الدول قادرة على التغلب على هذه العقبة على الرغم من مصلحتها في ذلك.
وخلُص إلى القول إنّه من الأفضل أنْ تفكر إسرائيل في كيفية تقديم المساعدة من أجل تحقيق ذلك، لأنّ ما يجري هو فرصة تاريخيّة، على حدّ وصفه.