ماذا يمكن أن تفعل السعودية في لبنان بعد الإخفاق في سوريا واليمن؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 632
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

القدس العربي

لم تنجح السعودية بمواجهة إيران في جميع الساحات الإقليمية، وكل الذين دعمتهم السعودية في العراق وسوريا واليمن وأخيرا لبنان، أصبحوا في المنفى، أو ربما المعتقل، كما الحريري وهادي الرئيس اليمني السابق.

فماذا يمكن أن تفعل الرياض هذه المرة في لبنان؟

صحيح أن هناك قيادة جديدة تريد صنع شيء ما، لكن ما هو واضح لحد الآن، أن الأذى ناله الأقربون، وليس إيران، كما حصل مع قطر، ولا يبدو أن هناك خريطة طريق واضحة للسعودية في لبنان، كما توحي خطواتها التصعيدية، فالمعسكر المعادي لحزب الله في لبنان الممثل بقوى 14 آذار، كان أكثر قوة قبل سنوات، ومع ذلك لم تتمكن السعودية آنذاك من استثمار هذا التحالف بمواجهة النفوذ الإيراني في لبنان، واليوم يدور الحديث عن طيف عريض من أصناف المواجهة، تبدأ بالاقتصادية وتنتهي بالعسكرية، ولكنها تظل مجرد أحاديث، إذ تسري تكهنات بأن السعودية تنوي فرض حصار اقتصادي على لبنان، وحظر التحويلات البنكية إليه، ما سيمنع نحو ربع مليون لبناني مقيمين في دول الخليج، التي قد تنخرط في إجراءات الحصار، من تحويل الأموال لأقربائهم، إضافة لسحب الاستثمارات من لبنان، وهذا قد يؤدي بحسب مراقبين إلى تدهور سعر صرف الليرة اللبنانية، والأحوال المعيشية بشكل عام، ولكن لا يمكن تقييم إمكانية نجاح هذه الخطوات مع وجود لبنان في واقع جغرافي، يحيطه بنظام حليف لحزب الله في دمشق الممتدة صلاتها حتى بغداد وطهران، وهذا قد يخفف من آثار هذه العقوبات الاقتصادية.

أما الخطوات العسكرية، فالحديث يدور عن تكثيف قصف مواقع حزب الله في سوريا وليس فقط في لبنان، ولكنها تبدو أيضا محدودة الاحتمالية والأثر، فالحزب يتعرض فعليا لهذه الضربات منذ سنوات في سوريا، ونجى من حرب مدمرة عام 2006، وتضاعفت قوته منذ ذلك الحين.

أغلب الظن، أنه لن يكون في إمكان السعودية تنفيذ إجراءات حاسمة تنجح في تقويض نفوذ إيران وحزب الله في لبنان، فالقيادة السياسية في الرياض غير مهيئة لمواجهة نوع من النزاعات كهذا، وهذا ما أثبتته تجاربها مع ساحات النفوذ الإيراني الأخرى، وآخرها اليمن، وحتى لو كان هناك تحالف أمريكي سعودي واسع ضد إيران، فما أخفق فيه الأمريكيون في العراق وسوريا مؤخرا، لن ينجحوا به بمساعدة سعودية!

وعلى ما يبدو، فإن الذي يجري من خطوات تصعيدية في الرياض ضد إيران، هو مجرد حملة دعاية إعلامية لتأهيل القيادة الجديدة شعبيا، لتسلم زمام الأمور، باللعب على الوتر الأكثر إطرابا وهو مواجهة إيران، من دون أن يتجاوز هذا الحديث الفضاء الإعلامي نحو نتائج عملية محددة لإضعاف إيران في لبنان.

أما الحملة الأمريكية التي يمكن أن تشن لفرض عقوبات وتضييق اقتصادي على إيران، فقد تمت تجربتها في العقدين الأخيرين، ولا شك في أن الولايات المتحدة منزعجة من التوسع الإيراني المطرد في المنطقة، خصوصا أن إسرائيل الصديق المقرب الجديد للرياض،  تحذر منذ سنوات من البرنامج النووي الإيراني وتراه التهديد الأخطر على أمنها القومي، لذلك قد يتبلور هذا التقارب الجديد بين الرياض والقاهرة وتل ابيب برعاية الولايات المتحدة، لتشكيل محور مواجه لإيران في المنطقة، وهذا سيفضي إلى تحول خطير، وهو انسحاب كبرى الدول السنية من مواجهة إسرائيل إلى التحالف العلني معها، وفي المقابل، تقديم فرصة ذهبية لإيران لتنصيب نفسها كمتزعمة للمواجهة مع إسرائيل والغرب أمام العالم الإسلامي كله وليس فقط الشيعي.

كاتب فلسطيني من أسرة «القدس العربي»

 

وائل عصام