لماذا تصمت السعودية على تلويح «ترامب» بنقل سفارته في (إسرائيل) إلى القدس؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1412
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

ترجمة وتحرير أسامة محمد - الخليج الجديد
في ديسمبر/كانون الأول عام 1967، أضاف خادم الحرمين الشريفين الملك «فيصل بن عبد العزيز» مسؤولية جديدة لشقيقه الأصغر الأمير «سلمان» الذي كان يشغل منصب حاكم الرياض، وهي جمع الأموال لدعم الفلسطينيين من أجل مقاومة الاستيلاء الإسرائيلي على القدس. هذه الأموال هي جزء من تغيير حدث على نطاق أوسع في السياسة الخارجية السعودية منذ 50 عاما ومن النقاط التي وضعت المملكة على مسار تصادمي مع الولايات المتحدة. والتغييرات في السياسة الأمريكية تجاه القدس يمكن أن تفعل ذلك مرة أخرى.
بدأ الأمير البالغ من العمر 31 عاما في مهمته الجديدة بحماس ووجد جمهورا متحمسا بين السعوديين والعائلة المالكة وعامة الناس لدعم المقاومة الفلسطينية بعد هزيمة حرب عام 1967. وجمعت اللجنة الشعبية لمساعدة الشهداء والعائلات والمجاهدين في فلسطين عشرات الملايين في المملكة، وهي لا تزال تعمل إلى اليوم.
وأدى «سلمان» بشكل جيد في مهمة جمع التبرعات بعد مرور 12 عاما، عندما غزا الاتحاد السوفيتي أفغانستان في ديسمبر/ كانون الأول عام 1979، في عهد الملك «خالد» الذي أعطى «سلمان» أيضا مهمة جمع الأموال للمجاهدين لقتال السوفييت. في السنوات الأولى من الحرب الأفغانية، جمع «سلمان» المزيد من المال من الجمهور السعودي للمجاهدين. وفي وقت لاحق، أعطى الملك «فهد بن عبد العزيز»، «سلمان» نفس المهمة في البوسنة.
قبل عام 1967، كانت أولويات السياسة الخارجية لـ«فيصل» هي إحباط سعي الزعيم المصري «جمال عبد الناصر» لتوحيد العالم العربي تحت شعارات القومية العربية الثورية. وكانت مصر تهديدا وجوديا للملكية. عمل «فيصل» على إيقاع مصر في مستنقع في اليمن من خلال دعم تمرد الزيدية الملكية ضد الحكومة الجمهورية المدعومة من الاتحاد السوفيتي في صنعاء. وكانت هزيمة «عبد الناصر» في يونيو/حزيران 1967 في شبه جزيرة سيناء ترجع في جزء كبير منها للحرب في اليمن، باعتبار أن جيشه كان يعاني في اليمن بدلا من محاربة الإسرائيليين.
تعاون «فيصل» سرا مع (إسرائيل) في اليمن من خلال التنسيق البريطاني. وساعد الموساد المتمردين الملكيين عن طريق الطيران ونفذت البعثات في عرض البحر الأحمر لإنزال أسلحة في قواعدهم على طول الحدود السعودية. وقدم الأردن أيضا مساعدات عبر توفير الخبراء والمدربين للمتمردين الزيديين.
غيرت حرب يونيو/حزيران وضياع القدس كل شيء بالنسبة إلى «فيصل». وكان الملك السعودي قد استثمر بكثافة في تجديد المسجد الأقصى قبل الحرب. وزار صاحب الشركة الهندسية المفضلة، مجموعة «بن لادن» السعودية، الشاب «أسامة بن لادن» موقع البناء. وصور «فيصل» نفسه كقائد للمجتمع الإسلامي الذي ارتفع فوق الهوية الوطنية. وكان مدافعا عن الإسلام وقيمه و مدنه المقدسة.
وتم الوفاق بين مصر والمملكة العربية السعودية في عام 1967. وأصبح السعوديون الرعاة الرئيسيين لفكرة أن الفلسطينيين ينبغي أن يكون لهم دولة مستقلة خاصة بهم. وهم يؤيدون قرارات الأمم المتحدة في دعم الفلسطينيين ووصف الصهيونية كشكل من أشكال العنصرية. في عام 1973، عندما ذهبت مصر وسوريا إلى الحرب مرة أخرى ضد (إسرائيل)، فرض «فيصل» الحظر النفطي على الولايات المتحدة، وتلقى الاقتصاد الأمريكي أسوأ ضربة من قبل دولة أجنبية.
والآن اختار الرئيس الأمريكي المنتخب «ديفيد فريدمان» ليكون السفير الأميركي المقبل إلى (إسرائيل)، وقد وعد بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس كرمز إلى اعتبار الولايات المتحدة القدس العاصمة الأبدية والموحدة لـ(إسرائيل).وقد رفض ثمانية رؤساء أميركيين اتخاذ هذه الخطوة وظلت السفارة في تل أبيب لتجنب المساس بنتائج المفاوضات حول مستقبل القدس بين الأطراف المتحاربة. وسيكون ذلك هزة عنيفة في السياسة الأمريكية إذا نفذت الإدارة الجديدة هذه الخطة.
وقبل عام، عندما اندلعت التوترات في القدس، اتصل الملك «سلمان بن عبد العزيز آل سعود» بالرئيس «باراك أوباما» لطلب الضغط الأمريكي على (إسرائيل) لتهدئة الوضع. ودعا الملك جميع القوى الكبرى لحماية حقوق القدس العربية من «الاعتداءات الإسرائيلية» التي تشجع المتطرفين في جميع أنحاء المنطقة.
وجاء رد الفعل السعودي على تعيين «فريدمان» هادئا حتى الآن، مما يشير إلى أن «سلمان» ينتظر ليرى ما سيأتي بعد ذلك وسيعطي الوقت للفريق القادم للنظر بعناية في قرارهم بشأن القدس. بعد كل شيء، فإنه لن تكون هذه هي المرة الأولى التي يتعهد بها الرئيس المقبل بنقل السفارة ويخلف ذلك بعد توليه منصبه. ربما يتوقع السعوديون أن يكون لمرشحي الرئيس المنتخب لمنصب وزير الخارجية ووزير الدفاع وجهة نظر مختلفة. «ريكس تيلرسون» و«جيمس ماتيس»، على التوالي، من المرجح أنهما يفهمان الآثار الإقليمية لتغيير السياسة الأمريكية تجاه القدس وماذا يمكن أن تكلف هذه الخطوة المصالح الأميركية في هذه المنطقة الأكثر اضطرابا في العالم.
السعوديون بالفعل لديهم قلق كبير آخر مع سياسات الإدارة القادمة. وهو يتعلق بقانون جاستا الذي أقره الكونغرس في خريف هذا العام رافضا فيتو «أوباما». ويسمح قانون «جاستا» بمقاضاة مسؤولين سعوديين لتورطهم المزعوم في هجمات القاعدة في 11 سبتمبر. وكان السعوديون قد قاموا بتسوية هذه المسألة منذ سنوات بعد تقرير رسمي للجنة خلصت إلى عدم وجود أدلة ذات مصداقية على ضلوع الحكومة السعودية. تريد الرياض تعديل مشروع القانون.
وقد أضر انخفاض أسعار النفط بالاقتصاد ورفع معدلات البطالة. حرب الملك في اليمن هي مستنقع باهظ الثمن، تماما مثل ما حدث مع جمال عبد الناصر. إيران تعتبر تهديدا وجوديا اليوم، ووكلائها يسيطرون في سوريا والعراق. طهران أيضا تراقب التحول الأمريكي. وإذا بدا «سلمان» لينا تجاه ما يجري في القدس، فإن الإيرانيين لديهم مجال اليوم للتنديد بالملك على أنه دمية في يد الصهيونية.
يكون العاهل الأردني الملك «عبد الله» في مقعد أكثر سخونة من «سلمان» نظرا لموقعه الخاص بالنسبة إلى القدس وأغلبية السكان الفلسطينيين. قبل أيام قليلة، ترأس العاهل الأردني فعالية رسمية لتكريم رفات الجنود الأردنيين الذين قتلوا الدفاع عن القدس في عام 1967 وتم إقامة نصب تذكاري في عمان. الملك في حاجة ماسة إلى مساعدة أميركية للتعامل مع الأزمة السورية، لكنه لا يمكن أن يتجاهل ما يحدث للقدس.
العالم العربي هو في خضم تسونامي غير مسبوق من الفوضى والإرهاب والعنف الطائفي والحرب الأهلية. كل أسباب الربيع العربي لا تزال دون معالجة. إنها ليست المرة الأولى التي يتم فيها صب الزيت على النار.
المصدر | بروس ريدل/ بروكينغز