النخوة العربية ..بين السياسة والإقتصاد والفن وفقدان الأخُوّة

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 361
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

محمود كامل الكومى
حين تفقد الأمة العربية بوصلتها نحو الوحدة, تبقى الذاتية والأنانية والقطرية , وتندثر الروح القومية – وحتى داخل القطر الواحد تفتقد الوطنية أهم شروطها فى انكار الذات للصالح العام .
منذ زمن كامب ديفيد ووادى عربة وأسلو , والعالم العربى فى صراع مع الذات لتتغلب الآن الروح القطرية على القومية من أجل أندثار الشعور الوحدوى والقضاء على فكرة القومية العربية , وتلك بداية الاستراتيجية الامبريالية
الصهيونية لتفتيت عالمنا العربى.
وقد كان لغياب ” جمال عبد الناصر: أكبر الأثر لتحقيق هدف الاستعمار والصهيونية , وحتى حينما بدت روحه مازالت تهيم فى العالم العربى والإنسانى , واصلت الآلة الإعلامية الممولة ببترودولار الخليج والمُسيرة صهيونيا رفع و تيرة التصعيد في هجومها لأغتيال روحه , حتى يفقد الشعب العربى كل آماله فى وحدته وصعود قوميته العربية.
وعلى مدار نصف قرن مارس الإعلام العربى الممول ببترودولار الخليج والموجه للسير على طريق الصهيونية العالمية , “الديماجوجية” الفكرية على جماهير شعبنا العربى ,آملا فى تكفيرها بكل القيم القيم الإنسانية ومُحبِطاً تطلعها نحو تحقيق أهدافها فى الحرية والأشتراكية والوحدة , حتى صارت على ماهى عليه الآن من أنعدام وزن , وفكر منغلق وكفر حتى بالذات وبفعل سياسات حكامها العملاء .
مؤخراً بدت حادثتان ,أحداهما مرتبطة بالسياسة والاقتصاد والأخرى فنية, تجسد اندثار قيم النخوة العربية وفقدان الشعور الأخوى بين الأشقاء , وكان ذلك نتيجة طبيعية لكل ماسبق أن بيناه فى تقديمنا السالف البيان .
الحادثة الأولى :- تجلت فيها قمة الأنحدار بالأخوة وفقدان النخوة واستغلال معاناة الآخرين والتلذذ بشقاء الأشقاء , الى حد السادية فى أن يُرىَ الشعب المصرى مُعَذباً , ويقاسى الأمرين , ولايجد اِلا من يعمق عذاباته أشد العذاب , ويستغل حاجته الى الطاقة فلا يجد من آل سعود اِلا صب الزيت البترولى على النار ليشعلها فى كل دار من اجل اشعال حريق هنا أو هناك .
مر شهر تشرين أول “أكتوبر” بعد أن أعلنت شركة أورامكو السعودية نِكُولها عن تنفيذ اتفاق بين الإدارتين المصرية والسعودية لتمويل الجانب المصرى بالمشتقات البتروليه لمدة خمس سنوات لهذا الشهر , وتبعه شهر تشرين الثانى “نوفمبر” الحالى لتعلن ذات الشركة توقفها عن ضخ البترول الى مصر لأجل غير مسمى , بما يعنى أنها امتنعت عن تنفيذ ما تعهدت به من اتفاق .
قد تختلف السياسات والرؤى – لكن فى عالم الإنسانية واحترام مواثيقها, فاِن الاختلاف فى الرأى لايفسد للود قضية – هذا الشعار هو سمة العالم المتحضر , فما بالنا بعالم يجمع دولا تربطها , روابط الدين واللغه والأرض
, -عالم الأشقاء العرب – والعروبة من أواصلها (النخوة والشهامة والرجولة والكرم) وما يتفرع عنهم من عدم استغلال معاناة الآخرين , ونجدة من يتعثر على الطريق.
لكن آل سعود وقد تخلوا عن كل هذه القيم منذ تنصيبهم على حكم الحجاز بفعل الاستعمار وقد بدوا الآن الأكثر حظاً لمرافقة الشيطان, مولوا الإرهاب و ببترودولاراتهم دمروا الزرع والحجر فى الشام والعراق ومازالوا يزهقون
الأرواح فى اليمن الى الآن – فلا غرابة حين يستغلون معاناة الشعب المصرى وأزمته الاقتصادية الخانقة , من أجل الضغط عليه أكثر وأكثر بقطع البترول عنه, حتى تنفجر البلاد , آملين من ذلك أن تكون مصر سوريا جديده أو العراق
– وفى ذلك النهج تتجلى قمة الخسة والدناءة , وأعلى مراتب الانتهاك لمبادىء الأسلام وقيمه السمحة , وهو ما يجعل آل سعود غير جديرين بحكم بلد الحرمين الشريفين , قبلة المسلمين .
ولاعزاء بأن ذلك مرتبط بالسياسة والاقتصاد , فذلك هروب وتبرير لانتهاكات الإدارة السعودية لحقوق الإنسان والنخوة العربية ومبادىء الإسلام , وتحقيقا لحلم الصهيونية واستراتيجية الإمبريالية والإستعمار.
وهذه الحادثة واِن دلت فاِنما تدل على أن أسرة آل سعود فقدت الأخوة العربية وأثبتت أنها نتاج سفاح .
الحادثة الثانية :- تجلت فى مهرجان قرطاج – حين وقف فنان تونسى مغمور على المسرح ووسط الجمهور – يهاجم الفنان المصرى ” عادل أمام” ضيف تونس وضيف المهرجان لِيُقَزِم من دور مصر الفنى وينال من شخص الضيف عادل أمام ,وفى معرض كلامه قال: اذا كانوا يقولون أن مصر أم الفنون فتونس أبوها , ويهلل بعض من الحضور.
فى الإعلام المصرى مرت هذه الواقعة دون تعليق ولم يدخل أحد فى جدال – لكنى الآن اضعها تحت المجهر من باب أنها علامة على الذاتية لتعميق الانكفاء والبعد عن كل ماهو قومى او عربى وترويج لفكرة انا ومن بعدى الشيطان , فكاتب المقال يتمنى من كل قلبة أن يخرج من بين التراب العربى اشخاص تنير الطريق للعروبة جمعاء ,ولايتقزمون ببقعة تراب محدوده تحيط ضوءهم وتمنعهم من الأشعاع , وهنا كانت خطورة كلام الفنان التونسى المغمور , الذى تخلى عن كرم الضيافة التى يميز الشعب التونسى ومايتسم به من ترحاب , حين يهين ضيف تونس عادل إمام , والذى لم يدرك عالمية الفنون ولاقيمة مهرجان “قرطاج” الفنى الذى بدى ومازال يشع نوراً عربياً فنيا يعضد النخوة ويوثق من روابط الأخوة بين الشعوب خاصة العربية .
فهل كان الفنان التونسى المغمور الذى أثار تلك الواقعة, واقعاً تحت تأثير مخدر الإعلام والفضائيات المموله ببترودولار الخليج والتى تمارس الديماجوجية الفكرية على جماهير شعبنا العربى ليل نهار والمُسيرة صهيونيا
وأمريكيا واستعماريا لتكفيره بقيم النخوة العربية حتى يفقد روابط الأخوة ويتقوقع ذاتيا لفقد كل أمل له فى قوميته العربيه ووحدة أراضيها الى حد الدخول فى صراع مع الأخوة والأشقاء ؟!.
وأخيراً ..فإن محور مقالى نقطة ضوء للإنتباه , فمازلنا عرب .. النخوة فينا هى المعيار.. والأخوة تفضيل الأخ على الذات والوطن على الأسره والأوطان تذوب فى قوميتنا من اجل وحدتنا العربية إن شاء الله .
كاتب ومحامى – مصرى